331

Kashif Amin

الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين

وحقيقة العبث: هو الفعل الواقع من العالم به عاريا عن غرض صحيح كنقل الماء من بئر وإرجاعه إليها، ونقل الحجارة من موضع وإرجاعه إليه.

وحقيقة السفه: هو ضد الحلم والتخلق بالرذائل ككثرة المزح والخلاعة وكشف العورات والبول في الأزقة المسلوكة ونحو ذلك، واشترط الشيخان أبو علي وأبو هاشم في قبح الظلم صدوره من العالم به مع القصد له، والأكثر أن ذلك شرط لاستحقاق العقاب لا لحصول ماهية الظلم فقد حصلت مهما كملت القيود المذكورة، قيل: واشتراطهما ذلك هو في جميع ما ذكر. ذلك بعيد عن الصحة للزوم عدم قبح الكذب من الكفار الذين لا يعلمون كذبه بصدوره عن شبهة أو تلق من الأسلاف، فالأظهر أن يقال: اشترطوا العلم بقبح ذلك أو ما يقوم مقام العلم وهو التمكن منه بالنظر الصحيح والانقياد لمن دعى إليه ورفض هوى النفس وتقليد الأسلاف الماضين عليه، وسواء جعلنا ذلك شرطا في القبح أو في استحقاق الذم والعقاب، فلا يخرج من هذا إلا ما صدر من الصبي أو المجنون أو الساهي، وأما القصد فلا يسلم اشتراطه إن رجع الضمير إلى الظلم لأن أكثر الظلمة يفعل الظلم غير قاصد للظلم ويتعللون بشبه وأوهام يظنون معها أنهم غير ظالمين، وكمن ذبح غيره مريدا معرفة حد شفرته غير مريد ظلم المذبوح، فلو جعلنا قصد الظلم شرطا لخرجت هذه عن كونها ظلما والمعلوم بطلانه، وإن رجع الضمير إلى نفس الفعل فلا يخرج عنه إلا الساهي لكنه قد خرج بالقيد الأول وهو اشتراط العلم به إذ لا علم للساهي بما فعله سهوا حال فعله،وقالت البغدادية من المعتزلة: بل يقبح الفعل لعينه. ولا يخفى أنهم إن أرادوا مطلق الفعل فلا يسلم للزوم قبح جميع الأفعال، وإن أرادوا الفعل الذي هو ظلم أو نحوه مما ذكر لم يظهر الفرق بينه وبين ما قبله إلا في العبارة، وقالت الإخشيدية من المعتزلة أيضا: بل يقبح الفعل للإرادة. ويرد على هذا ما ورد على ما قبله ويزداد بأن يقال: يعلم قبح الظلم والكذب ونحوهما من لا يعلم إرادة فاعلهما.

Bogga 363