313

Kashif Amin

الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين

ولئن كان ساخطا لأذاهم .... فاعبدوهم لأنهم غلبوه فيالها من خرافة أوجبت على أولئك الحكماء الانحطاط من أوج الحكمة والهندسة إلى حضيض الجهالة المركسة، ويالها من حذاقة أخرجت أولئك الماهرين في الطب والمعرفة عن دائرة العقلاء وقضت عليهم بالانخراط في سلك البله وأهل العجرفة، فلا غرو أن يكونوا بعد ذلك أجهل الملل الكفرية وإن كانوا هم الحكماء لبعض أوجاع البرية، ولا جرم إذ عميت أبصارهم عن إدراك حقائق المعقولات أن تصم أسماعهم عما جاء به خاتم الشرائع من المنقولات، لقد استبشر الشيطان بعد أن أضلهم عن معرفة رب العالمين أن يصرفهم عن الحنيفية البيضاء ملة إبراهيم أول المسلمين، ولقد استأمن منهم أن يلتفتوا إلى البرهان على حقائق الإيمان لما قناهم بما أدركوه من الهندسة ومن معالجة الأبدان أنهم الذي يشار إليهم بالبنان من عالم الإنسان، قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهو خير الفاتحين، وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين.

وأما الصابئون: فلما أقروا بأن للعالم صانعا قادرا عالما حيا قديما، ثم ادعوا أنه خلق الأفلاك حية قادرة عالمة صار محاججتهم في دعوى كون الأفلاك قادرة عالمة حية وتسميتهم لها ملائكة وعبادتها، فيقال: ما دليلكم على أنها قادرة عالمة حية واستحقاقها العبادة؟ ولا شك أنها دعوى باطلة إذ المعلوم من حالها أنها ليست كذلك، وإنما هي من جملة مخلوقاته تعالى فلا يصح دعوى ما ذكروه وأنها آلهة تستحق العبادة مع الله تعالى، ومن أعظم دليل على بطلان قولهم مناقضتهم وصفها بالإلهية وأنها ملائكة لأن الملك مخلوق غير إله والإله بخلافه، فاجتماع الوصفين في ذات واحدة محال بين الإحالة بلا محالة.

Bogga 345