278

Kashif Amin

الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين

بعض شبه المخالفين حول الرؤية عليها

تتمة نذكر فيها بعض شبه المخالفين، فمنها: من جهة العقل أنهم قالوا: هو تعالى موجود فتصح رؤيته.

قلنا: لا نسلم أن كل موجود تصح رؤيته، أوليس أن كثيرا من الموجودات لا تصح رؤيته كالقدرة والعلم والحياة والعقل والروح ونحوها؟!.

والتحقيق: أن الوجود ليس هو المصحح لرؤية المرئيات وإلا لزم رؤية كل موجود، وإنما المصحح لرؤية المرئي صفته الذاتية من كونه جسما كثيفا أو لونا لا غير، لذلك انقصرت الرؤية عليهما دون سائر الموجودات، وهذا واضح بلا ريب.

قالوا: القول برؤيته تعالى لا يستلزم حدوثه تعالى، فلا محذور في ذلك، فيجب القول بصحتها.

قلنا: والقول بنفي صحة رؤيته تعالى لايستلزم حدوثه تعالى، فلا محذور، فيجب القول بنفي صحتها فيقتضي القولان وقوع التناقض وهو محال، فلا بد من إبطال أحدهما وبقاء الآخر والجزم بصحته وثبوته، فنقول قولكم: لا يستلزم حدوثه، غير مسلم لأن الرؤية هي تعلق البصر بالمبصر، ومن المعلوم أن ذلك التعلق يستحيل بلا متعلق فلا بد له من متعلق إما ذاته المقدسة كانت إذا معترضا لحدوث الإبصار والإدراك، وما كان معترضا لحدوث الحوادث كان محدثا لأن هذا هو الدليل على حدوث الأجسام لما كانت محلا ومعترضا لحدوث الأعراض، وإن كان المتعلق غير ذاته المقدسة كان المرئي غيره بخلاف ما قلناه من نفي الرؤية فلا يتطرق إليه شيء يقتضي الحدوث، وإذا كان نقيضه يقتضي الحدوث كما أوضحناه وجب القول به ولزم الجزم باستحالة رؤيته تعالى بكل حال، ولا يمكن فيما قالوه لو سلمنا على التنزل أن الرؤية لا تدل على الحدوث حصول نتيجتهم المطلوبة وهي وقوع الرؤية لأن غايته صحة الرؤية لا وقوعها، إذ ليس كلما صحت رؤيته وقعت عليه وإلا لزم في كل مرئي أن تقع عليه رؤية كل راء والمعلوم خلافه، ولهذا اعترف نقادهم أنه لا دلالة من جهة العقل على وقوع الرؤية وقصروا الاستدلال على السمع فقط.

Bogga 308