247

Kashif Amin

الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين

فهذا ما يتعلق بكلامه عليه السلام في هذه الفقرة اليسيرة من البلاغة والفصاحة الراجعة إلى المعين، فأما ما يرجع إلى اللفظ، فذلك ظاهر لمن له ذوق سليم ولب مستقيم وعقل غير منحرف عن الآل سقيم، وذلك في جزالة اللفظ وحسن الألفاظ لسلامتها عن التعقيد والتنافر، واشتمالها على الجناس التام، والمطرف الذي هو من أجل أنواع البديع، وعلى السجع الكامل الذي هو كذلك من أجل أنواع البديع، وعلى التقابل بين الفجار وأولي الأبصار وهو من مقابلة النقيض بما هو شبه النقيض ولازمه، وكون فقر السجع وفواصله في ذاته واقعة على جهة التوسط بين القصر والتطويل اللذين ربما يصير السجع معهما غير مدرك إلا مع التأمل، وإسناد الرؤية إلى الأبصار لنكتتين:

أحدهما: التلميح إلى الآية الكريمة التي هي عمدة الدلالة السمعية في المسألة وهي قوله تعالى: {لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار } [الأنعام:103].

وثانيهما: الإيماء والإشارة إلى أنه تعالى يرى بالقلوب الرؤية العلمية اليقينية كما قال أمير المؤمنين: لا تدركه العيون بمشاهدة العيان، بل تدركه القلوب بحقائق الإيمان. إلى غير ذلك من المعاني واللطائف التي لو اشتغلنا باستخراجها من هذه الجملة اليسيرة لطال الكلام، ولله سر في أئمتك الأعلام.

نعم والقول: بأنه عز وجل لا تصح رؤيته بالأبصار وهو مذهب جميع العترة الطاهرة شموس الدنيا وشفعاء الآخرة، وهو قول سائر الزيدية والمعتزلة وجميع أهل العدل من الإمامية وغيرهم، وهو قول النجارية من المجبرة والخوارج وأكثر الفرق الداخلة في الإسلام والخارجة عنه، وحكاه الإمام المهدي عليه السلام في القلائد وابن حابس في الإيضاح عن المرجئة، وفي هذه الحكاية عنهم نظر لأن أكثرهم أشاعرة وكل أشعري مرجي ولا عكس، ويمكن أن ذلك قول بعض المرجئة، فحق العبارة: وهو قول بعض المرجئة.

والخلاف في هذه المسألة مع المجسمة والأشعرية وضرار بن عمرو.

Bogga 274