Kashif Amin
الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين
Noocyada
[ و] ما ذكر من أن له تعالى[ نفسا في قوله تعالى ] حكاية عن عيسى عليه السلام [ {تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك ] إنك أنت علام الغيوب ]} [المائدة:116]، [ فالمراد به تعلم سري وغيبي ]، أي ما أضمرته وأسررت به [ ولا أعلم سرك وغيبك ]، أي ما أخفيته وغيبته عني، فأتى بلفظ نفس الثانية ليشاكل بها نفس الأولى، وإن كانت النفس في حق عيسى عليه السلام أريد به النفس الحقيقية وهي العرض القائم بالقلب الداعي إلى الوسوسة وإضمار بعض ما خصر عليها وإظهار بعضه ويدعو إلى تناول المشتهيات والمستلذات والمنافسة للغير والمفاخرة والمكاثرة، وحاصل الكلام فيما بين النفس والعقل أنهما يتفقان من جهة كون كل منهما عرض محله القلب لا يجوزان على الله تعالى، وإنما هما من صفات الحيوان المحدث.
قال السيد حميدان رحمه الله تعالى: مثل حلول العقل فيه أي في القلب كمثل حلول البصر في العين ولذلك قال تعالى: {أم لهم قلوب يعقلون بها {، وقال: {فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور} [الحج:46]، ومثل حلول النفس فيه كمثل حلول الحرارة في النار، ولذلك قيل: إنها تقوى بالوسواس كما تقوى النار بالحطب.
قال: واعلم أن وجه الحكمة في خلق العقل هو: كونه نعمة من أتم النعم، وحجة من أبلغ الحجج، وكونه هاديا إلى طريق النجاة.
ووجه الحكمة في خلق النفس هو: ما فطرت عليه من محبة مالا بد من إصلاحه من أمور الدنيا.
ووجه الحكمة في مقارنة النفس للعقل هو ما أراده الله سبحانه في ذلك من الاختبار والامتحان.
هذا ما ذكره عليه السلام في حقيقة العقل والنفس عند أئمتنا عليهم السلام ومن وافقهم من المعتزلة وغيرهم، ثم حكى معناهما عند الفلاسفة وأهل التناسخ والمطرفية وغيرهم، ثم ذكر الفرق بين النفس والعقل من وجوه:
أحدها: في التسمية والاشتقاق.
Bogga 252