210

Kashif Amin

الكاشف الأمين عن جواهر العقد الثمين

الوجه الثاني: ما يجعله الله تعالى من الفتنة التي عندها يتبين ثابت الإيمان والمتصف به باطنا وظاهرا ممن هو منه على حرف أوفي ظاهر حاله دون باطنه، فيتميز الخبيث من الطيب عند ورود المتشابه وأمثاله من ضروب الفتنة كفتنة إبليس اللعين، وإماتة من به إقامة الدين كالأنبياء والأئمة الهادين وسائر حجج الله في خلقه أجمعين، وكتمكين إبليس من الإلقاء في أمنية الأنبياء عليهم السلام قال تعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم} [الحج:52]، ولما كان مساق هذه الآية كما ذكر يستلزم سؤالا وهو أن يقول قائل: ولم مكن الله سبحانه إبليس من ذلك الإلقاء في حال أمنية النبي، والأمنية: هي الكلام المبلغ من النبي إلى الملأ في المحافل والمجامع كالخطبة ونحوها مما يقال على جهة التبليغ والوعظ برفع الصوت، فيحضر إبليس اللعين نعوذ بالله منه فيتكلم بصوت يشبه صوت ذلك النبي مما يناقض كلامه ويدعو إلى خلافه، فينسخ الله {ما يلقي الشيطان} بأن يوحي إلى الرسول أو يسمع الرسول ذلك {ثم يحكم الله آياته} بأن يبين على لسن ذلك الرسول أن ذلك المناقض هو من إلقاء ذلك الشيطان العدو المبين، فكان هذا محل سؤال واستشكال لأن يقول قائل: ولم مكن الله إبليس من الحضور والكلام المشابه في صوته وهيئته لكلام النبي وما الحكمة ؟

Bogga 235