ثم ذكر بإسناده عن بعض السلف قال: "لأن أرد رجلًا عن رأي سيئ أحب إلي من اعتكاف شهر" أخبرنا أسد عن أبي إسحاق الحذاء عن الأوزاعي قال: "كان بعض أهل العلم يقولون: لا يقبل الله من ذي بدعة صلاة ولا صيامًا ولا صدقة ولا جهادًا ولا صرفًا ولا عدلًا، وكانت أسلافكم تشتد عليهم ألسنتهم، وتشمئز منهم قلوبهم، ويحذرون الناس بدعتهم. قال: ولو كانوا مستترين ببدعتهم دون الناس، ما كان لأحد أن يهتك سترًا عليهم، أو يظهر منهم عورة، الله أولى بالأخذ بها، وبالتوبة عليها، فأما إذا جهروا فنشر العلم١ حياة، والبلاغ عن رسول الله ﷺ رحمة يعتصم بها على مصر ملحد.
ثم روى بإسناده قال: جاء رجل إلى حذيفة وأبو موسى الأشعري قاعد فقال: أرأيت رجلًا ضرب بسيفه غضبًا لله حتى قتل أفي الجنة أم في النار؟ فقال أبو موسى: في الجنة. فقال حذيفة: استفهم الرجل وأفهمه ما تقول – حتى فعل ذلك ثلاث مرات – فلما كان من الثالثة قال: والله لا استفهمه، فدعا به حذيفة فقال: رويدك إن صاحبك لو ضرب بسيفه حتى ينقطع، فأصاب الحق حتى يقتل عليه فهو في الجنة، وإن لم يصب الحق، ولم يوفقه الله للحق فهو في
_________
١ في كتاب البدع "فأما إذا جهروا به، وكثرت دعواتهم، ودعاتهم إليها، فنشر العلم ... " الخ ص ٥.
1 / 41