Kashf Mushkil
كشف المشكل من حديث الصحيحين
Baare
علي حسين البواب
Daabacaha
دار الوطن
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
1418 AH
Goobta Daabacaadda
الرياض
٢٤ - / ٢٤ - وَفِي الحَدِيث السَّادِس: " الْمَيِّت يعذب فِي قَبره بِمَا نيح عَلَيْهِ " وَفِي لفظ: " مَا نيح عَلَيْهِ " وَفِي لفظ: " ببكاء الْحَيّ عَلَيْهِ ". وَفِي لفظ: أَن عمر قَالَ ذَلِك لما عولت حَفْصَة وصهيب عَلَيْهِ.
أما قَوْله: بِمَ نيح عَلَيْهِ: فَمَعْنَاه. بالنياحة عَلَيْهِ. وَقَوله: مَا نيح عَلَيْهِ أَي مُدَّة النِّيَاحَة. وعولت بِمَعْنى أعولت. وَقَالَت الْخطابِيّ: عول لَيْسَ بجيد، وَإِنَّمَا الصَّوَاب أعول.
فَإِن قيل: كَيفَ يعذب الْمَيِّت بِفعل غَيره وَقد قَالَ الله تَعَالَى: ﴿وَلَا تزر وَازِرَة وزر أُخْرَى﴾ [الْأَنْعَام: ١٦٤]؟ ثمَّ إِن الْإِنْسَان لَا يملك رد الْبكاء، وَقد بَكَى رَسُول الله على وَلَده، وَقَالَ: " إِن الْعين لتدمع "، فَإِذا جَازَ الْبكاء فِي حق الباكي وَمَا يُؤَاخذ بِهِ، فَكيف يُؤَاخذ بِهِ غَيره؟
فَالْجَوَاب: أما الْبكاء فِي قَوْله: " يعذب ببكاء الْحَيّ " فَلَيْسَ المُرَاد بِهِ دمع الْعين فَحسب، وَإِنَّمَا المُرَاد بِهِ الْبكاء الَّذِي يتبعهُ النّدب والنياحة، فَإِذا اجْتمع ذَلِك سمي بكاء؛ لِأَن النّدب على الْمَيِّت كالبكاء عَلَيْهِ، وَهَذَا مَعْرُوف فِي اللُّغَة، سَمِعت شَيخنَا أَبَا مَنْصُور اللّغَوِيّ يَقُول: يُقَال للبكاء إِذا تبعه الصَّوْت وَالنَّدْب بكاء، وَلَا يُقَال للنَّدْب إِذا خلا عَن بكاء بكاء. فَيكون المُرَاد بِالْحَدِيثِ الْبكاء الَّذِي يتبعهُ النّدب، لَا مُجَرّد الدمع، وَلَا إِشْكَال فِي مُؤَاخذَة الْحَيّ بالندب والنياحة؛ لِأَنَّهُ أَمر مَنْهِيّ عَنهُ، وَإِنَّمَا الْإِشْكَال فِي مُؤَاخذَة الْمَيِّت بذلك.
وَجَوَاب هَذَا الْإِشْكَال من خَمْسَة أوجه:
1 / 55