137

فإن الحرب خدعة، وإني سمعت رسول الله يقول: سيخرج قوم في آخر الزمان حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام، يقولون من قول خير البرية، ويقرءون القرآن لا يجاوز ايمانهم حناجرهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم عند الله يوم القيامة.

فقد دلت هذه الأحاديث على ما أصلناه من قتاله (عليه السلام) على التأويل كما قاتل (صلى الله عليه وآله وسلم) على التنزيل، واقتدائه به وقيامه وأمره ونيابته عنه في هذا الأمر المهم الذي حفظ به نظام الدين وأقام به الأود وكف عادية الخوارج المارقين، وقتل من قتل منهم، واستبقاء من فاء منهم، ورجع كما اعتمده النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مع المشركين حذو النعل بالنعل والقذة بالقذة. وقد تقدم أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان شديد الحرص على تربية علي والإشفاق عليه، مهتما بتعليمه وإرشاده إلى الفضائل، وكان في حجره من صغره ملازما له، متأدبا بآدابه، مقتفيا أفعاله، آخذا بطرائقه، جاريا على سنته، متشبها به (صلى الله عليه وآله وسلم)، وزوجه ابنته (عليها السلام) فكان يدخل عليه في غالب أوقاته وفي أوقات لم يكن غيره يدخل عليه فيها.

وقد نقلت من مسند أحمد بن حنبل قال علي: كانت لي من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) منزلة لم تكن لأحد من الخلائق، أني كنت آتيه كل سحرة.

وفي حديث آخر فاستأذن عليه، فإن كان في صلاة سبح، وإن كان في غير صلاة أذن لي.

فإذا كان المربي المؤدب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو أكمل العالمين وأعلاهم في المعارف وأرفعهم درجات مجد ومنازل شرف، وكان التلميذ المؤدب عليا (عليه السلام)، وأضيف إلى استعداده وفطنته وذكائه نظر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إليه، وتفرسه فيه قبول ما يلقى إليه مع طول ملازمته له، فلا جرم أنه يبلغ أقصى غايات الكمال، وينال نهايات معارج المعرفة، فتمكن من قول: سلوني قبل أن تفقدوني، وسلوني عن طرق السماوات فإني أعرف بها من طرق الأرض.

وقال (عليه السلام) مرة: لو شئت لأوقرت بعيرا من تفسير بسم الله الرحمن الرحيم.

وقال مرة: لو كسرت لي الوسادة ثم جلست عليها لقضيت بين أهل التوراة بتوراتهم، وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم، وبين أهل الزبور بزبورهم، وبين أهل الفرقان

Bogga 142