Kalima Cala Riyad Basha
كلمة على رياض باشا: وصفحة من تاريخ مصر الحديث تتضمن خلاصة حياته
Noocyada
تدوين سير هؤلاء الأعلام النبلاء وبيان الخطة التي ساروا عليها، فكانت سبب نجاحهم في الدنيا. لا جرم حينئذ أن من يأنس من نفسه القدرة على تحديهم أو اللحاق بهم يسعى فيحاكيهم أو يربو عليهم، أو يتمم عملهم إن كان قد أوتي حظا من نصيبهم.
وثانيهما:
إعراب المتمتعين بثمرات أولئك الأعيان عن شكرهم في السر والعلن، لصنيعهم الحسن، وفي خدمة الأمة والوطن. والإقرار بالفضل بعد الموت آثر عند الله والناس منه في حالة الحياة.
وليس من دليل على الوفاء لهم بعد وفاتهم أكثر أثرا وأحسن وقعا من تجديد ذكراهم وتمجيد آثارهم. فلعمري إن هذا الصنيع! فوق إحاطته بفضيلة الوفاء - وإن كانت قليلة في طباع الناس - لمما يحيي فكرة النبوغ في نفوس المستعدين، لا سيما إذا كان العظيم عصاميا. وجل العظماء عصاميون.
وإننا اليوم باجتماعنا - معاشر أعضاء المجمع العلمي المصري والجمعية الجغرافية الخديوية - لتأبين فقيد مصر العظيم رياض باشا؛ نفي بإحدى الحسنيين؛ فنحن نجاهر على رءوس الأشهاد وفي هذا الجمع الحافل الموقر باعترافنا الجميل، لذلك الراحل الجليل، الذي بكاه النيل وأبناء النيل.
أما تدوين سيرته الذكية الزاكية، وشرح أعماله العائدة بالفائدة على مصر الذاكية الذاكرة، فهو متروك لرجال التاريخ، وهم خير كفيل بحفظه وتوريثه لمن يخلفنا من الأجيال الآتية، ليكون نبراسا للبحث والتفكير والعمل. وقد سبق لهذا العاجز قيامه ببعض هذا الواجب
2
على ضريح الفقيد نضره الله بالروح والريحان!
كل الحاضرين (والمتكلم الضعيف في جملتهم) وجميع الغائبين (وأهل مصر بعض منهم) يشهدون بأن رياضا كان في بابه من نوابغ مصر والشرق في هذا العصر.
ومن ذا الذي ينكر أن نبوغ رياض لم يقف عند حد تدبير الملك وسياسة البلاد، حتى تعداه إلى كثير من الفضائل القومية والمزايا الإنسانية التي قلما تجتمع في شخص مفرد، وليس ذلك على الله بمستنكر.
Bog aan la aqoon