فقال وهو يجاهد لإخفاء ارتباكه: «وهل اعتزمت إجابة طلبه؟»
فقالت: «كلا. بل كتبت إليه بأنني غير موافقة على خطبة تلك الفتاة.»
فقال: «ولماذا؟ هل عرفت الفتاة من قبل؟»
فتنهدت وقالت: «لم أرها ولا أحب أن أراها، وكفى ما سمعته عنها ممن عرفوا دخائلها ووقفوا على سيرتها. ولولا أن قيضهم الله لإخباري بأمرها وأمر أسرتها في الوقت المناسب لانسقت مع سليم في تيار خداعهم واحتيالهم.»
فأدرك حبيب صدق ما ظنه من أن عدم موافقتها على خطبة سلمى لسليم لم يكن إلا لوشايات كاذبة، وأراد أن يعرف من هم أصحاب هذه الوشايات فقال لها: «لكن يا سيدتي أنت تعرفين تعقل سليم وأنه ليس ممن ينخدعون بسهولة. فلعل ما سمعته عن الفتاة وأهلها من سواه غير صحيح.»
فقالت: «كلا يا بني، إن السيدة وردة التي رأيتها هنا الآن هي التي تفضلت مشكورة فكشفت لي حقيقة ذلك الأمر، وهي سيدة عريقة الأصل وتحبنا محبة صادقة، ولولا تعزيتها لي، وملازمتها إياي منذ وقع الجفاء بيني وبين سليم بسبب تشبثه بخطبة تلك الفتاة، رغم نصحي له بتركها، لقضيت حسرة وغما.»
وكان حبيب قد نفر قلبه من وردة منذ وقع نظره عليها وهي تفتح الباب له، لما لاحظ عليها من التبرج والخلاعة، فأدرك أنها سبب كل ما حل بسليم وسلمى من الشقاء، وأنها لا بد قد رمت بوقيعتها ونميمتها إلى غرض خاص. ثم أراد أن يتحقق ذلك فقال: «هل السيدة وردة هذه من القاهرة؟»
فقالت: «إنها تقيم بالإسكندرية منذ سنين، ولكنها تعرف كثيرا من العائلات في القاهرة، ولها أملاك هناك ورثتها عن المرحوم زوجها هي وابنتها الوحيدة.» قالت ذلك وتنهدت، فرجح حبيب أن وردة سعت في إفساد علاقة سليم بسلمى، لكي تزوجه بابنتها، وقال لوالدته: «هل ابنتها هذه متزوجة أم لم تبلغ سن الزواج بعد؟»
فعادت والدة سليم إلى التنهد، وقالت: «هي شابة في غاية الجمال والكمال، وقد خطبها كثيرون من أبناء العائلات الكبيرة الغنية، لكن والدتها كانت عند حسن ظني بصداقتها وإخلاصها لنا فلم تقبل أحدا منهم.»
فتحقق حبيب صدق ظنه ولكنه تجاهل، وقال: «ولماذا لم تقبل زواج ابنتها من أولئك الشبان الأغنياء أبناء العائلات الكبيرة، وما علاقة هذا بصداقتها وإخلاصها لكم؟»
Bog aan la aqoon