فقال: «لا شيء يا عزيزي إلا أني أشعر بانحطاط قواي وارتفاع حرارة جسمي، ولعلي مصاب بالحمى.»
قال: «لا بأس عليك، وهل شعرت بذلك اليوم فقط؟» فقال: «نعم، ولكني شعرت أمس ببعض التعب وأرقت قليلا، فأصبحت اليوم كما ترى ولم أستطع الخروج، ثم اشتد بي التعب وشعرت بالحمى فأخذتني سنة من الكرى ولم أفق إلا منذ قليل.»
وتذكر سليم كتاب سلمى ومجيء حبيب إليه في تلك الساعة على غير المعتاد.
ولاح له أن العبارات التي قرأها في كتاب سلمى، رغم ما تتجلى فيها من الشهامة وعزة النفس، لا تخلوا من الاحتيال، ولعل سلمى هي التي أرسلت إليه حبيبا ليستطلع فكره وأثر ذلك الكتاب في نفسه.
على أنه ما لبث قليلا حتى طرد هذه الخواطر من مخيلته، مستبعدا تواطؤ سلمى وحبيب ضده، ثم حاول إخفاء ما يعتلج في صدره من الغيرة والشك، وبقي صامتا متعللا بانحراف صحته.
أما حبيب فراح ينظر إليه نظرة المحب الصادق المخلص الذي يفتدي أصدقاءه بنفسه، وحدثته نفسه مرارا بأن يستطلعه حقيقة حاله، لكنه خشي أن يذكره بأمر يود نسيانه لما هو فيه من المرض.
فلبثا حينا صامتين وكل منهما مشغول بهواجسه، ثم قال حبيب: «كيف حالك يا عزيزي، لعلك أحسن الآن؟»
فقال سليم بصوت مختنق: «أحس صداعا شديدا في رأسي وكأن نارا تتقد في جسمي.»
فقال: «هل أدعو لك الطبيب؟»
قال: «لا أرى حاجة إلى الطبيب الآن، ولكن ربما أحتاج إليه بعدئذ.»
Bog aan la aqoon