Jawhar Shaffaf
الجوهر الشفاف الملتقط من مغاصات الكشاف
Noocyada
لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم(92)كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين(93) فمن افترى على الله الكذب من بعد ذلك فأولئك هم الظالمون(94) {لن تنالوا البر} لن تبلغوا حقيقة البر ولن تكونوا أبرار وقيل: لن تنالوا بر الله وهو ثوابه {حتى تنفقوا مما تحبون} حتى تكون نفقكتم من أمولكم التي تحبونها، وتؤثرونها وكان السلف رحمهم الله إذا أحبوا شيئا جعلوه لله وروي أنها لما نزلت جاء أبو طلحة فقال يا رسول الله: إن أحب أموالي إلي ببر حالي فضعها يا رسول الله حيث أراك الله فقال -صلى الله عليه وآله وسلم: ((بخ بخ ذاك مال رائع وإني أرى أن تجعلها في الأقربين فقال أبو طلحة: أفعل يا رسول الله فقسمها في أقاربه وجاء زيد بن حارثة بفرس له كان يحبها فقال هذه في سبيل الله فحمل عليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أسامة بن زيد وكان زيد أوجد في نفسه وقال: إنما أردت أن أتصدق به فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((أما إن الله تعالى قد قبلها منك وكتب عمر رضي الله عنه إلى أبي موسى أن يبتاع له جارية من سبي جلولا يوم فتحت مدائن كسرى فلما جاءت أعجبته فقال إن الله تعالى يقول لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون فأعتقها ونزل بأبي ذر ضيف فقال للراعي: تخير إبلي فجاء بناقة أنثى مهزولة فقال خنتني قال وجدت خير الإبل كحلها فذكرت يوم حاجتكم إليه فقال إن يوم حاجتي إليه ليوم أوضع في حفرتي {وما تنفقوا من شئ} أي: من شئ كان أطيب تحبونه أو حيث تكرهونه، {فإن الله به عليم} أي: بكل شئ تنفقونه فمجازيكم، بحسبه.{كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل} أي: كل المطعومات أو كل أنواع الطعام حلا أي حلالا {إلا ما حرم إسرائيل على نفسه} إسرائيل لقب يعقوب عليه السلام ومعناه صفوة الله والذي حرم على نفسه لحوم الإبل وألبانها، وقيل: العروق كان به عرق النساء، فنذر إن شفي أن يحرم على نفسه أحب الطعام إليه، وكان ذلك أحب إليه فحرمه، وقيل: أشارت عليه الأطباء باجتنابه ففعل وهو بإذن من الله فهو كتحريم الله ابتداء والمعنى: أن المطاعم كلها لم تزل حلالا لبني إسرائيل {من قبل أن تنزل التوراة} أي: من قبل إنزالها وتحريم ما حرم عليهم، منها لظلمهم وبغيهم ولم يحرم عليهم شئ قبل ذلك غير المطعوم الواحد، الذي حرمه أبوهم إسرائيل على نفسه فتبعوه على تحريمه فهو رد على اليهود وتكذيب لهم، حيث أرادوا براءة ساحتهم مما نطق به القرآن من تحريم الطيبات عليهم لبغيهم وظلمهم فقالوا ألسنا بأول من حرمت عليه وما هو إلا تحريم قديم كانت محرمة على نوح وإبراهيم ومن بعده من بني إسرائيل، إلى أن انتهى التحريم علينا، وغرضهم تكذيب شهادة الله عليهم بالبغي والظلم، والصد عن سبيل الله وأكل الربا وأخذ أموال الناس بالباطل وما عدد من مساويهم التي كل ما ارتكبوا منها كبيرة حرم عليهم نوع من الطيبات عقوبة له، {قل فأتوا بالتوراة فاتلوها} فاقرأوها أمر بأن يحاجهم بكتابهم ويبكتهم بما هو ناطق به القرآن من أن تحريم ما حرم عليهم تحريم حادث، بسبب بغيهم وظلمهم لا تحريم قديم كما يدعونه فروي أنهم لم يجسروا على إخراج التوراة فبهتوا وانقلبوا صاغرين وفي ذلك الحجة البينة على صدق النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلى جواز النسخ الذي ينكرونه {إن كنتم صادقين} في دعواكم أنه تحريم قديم {فمن افترى على الله الكذب} أي: كذب على الله متعمدا لزعمه أن ذلك كان محرما على بني إسرائيل، قبل إنزال التوراة من {بعد ذلك} أي: من بعد ما لزمتهم الحجة القاطعة {فأولئك} المفترون [1]{هم الظالمون} المكابرون الذين لا ينصفون من أنفسهم.
Bogga 313