199

Jawhar Shaffaf

الجوهر الشفاف الملتقط من مغاصات الكشاف

مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم(261)الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون(262) {مثل الذين ينفقون أموالهم} أي: مثل نفقة الذين ينفقون في سبيل الله في طريق دينه وطلب رضاه {كمثل حبة أنبتت سبع سنابل} المنبت هو الله تعالى،ولكن أسند الإنبات إلى الحبة لما كانت سببا فيه، كما سند إلى الأرض وإلى الماء ومعنا أنبتها سبع سنابل أن يخرج ساقا يتشعب منها سبع شعب لكل واحد سنبلة، وهذا التمثيل تصوير للمضاعفة كأنها ماثلة بين عين الناظر، وقد يوجد هذا في الذرة والدخن وغيرهما.وربما فرخت ساق البر في الأراضي القوية المغلة، فيبلغ حبها هذا المبلغ، ولو لم يوجد لكان صحيحا على سبيل الفرض والتقدير والمعنى: أن النفقة في سبيل الله بسبعمائة ضعف، فأما سائر الطاعات فالحسنة بعشر {في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء} أي: يضاعف تلك المضاعفات لمن يشاء لكل منفق لتفاوت أحوال المنفقين، في الفضل والإخلاص أو يضاعف سبع المائة، ويزيد عليها أضعافها، لمن يستوجب ذلك {والله واسع} العطاء فلا ينقص مضاعفة الثواب {عليم} بتفاوت أحوال المنفقين، فيفاضل بينهم في العطاء على حسب الاستحقاق {الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله} سبيله عام في كل خير مما يرضي الله بعلم {ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذا} المن هو أن يعتدي على من أحسن إليه بإحسانه ويريه أنه اصطنعه وأوجب عليه حقا له، وكانوا يقولون إذا صنعتم صنيعة فانسوها، ولقد أحسن من قال:

وإن امرء أسدى إلي صنيعة ... وذكرنيها مرة لبخيل

والأذى إن تطاول عليه بسبب ما أدى إليه ومعنى: ثم إظهار التفاوت بين الإنفاق وترك المن والأذى وأن تركها خير من نفس الإنفاق كما جعل الله الاستقامة على الإيمان خير من الدخول في قوله تعالى {ثم استقاموا [121{لهم أجرهم} أي: ثوابهم العظيم الذي استحقوه{عند ربهم} محفوظا حتى يوفى إليهم {ولا خوف عليهم} يعني: أنهم لا يتوقعون محذورا في الآخرة {ولا هم يحزنون} أي: لا هم يغتمون لأمر نزل بهم.

Bogga 233