اختلف الناس في هذه المسألة فقال أبو عبيدة وغيره أن في كتاب الله تعالى من كل لغة وذهب الطبري وغيره إلى أن القرآن ليس فيه لفظة إلا وهي عربية صريحة وأن الأمثلة والحروف التي تنسب إلى سائر اللغات إنما اتفق فيها توارد اللغتين فتكلمت العرب والفرس أو الحبشة بلفظ واحد وذلك مثل قوله تعالى إن ناشئة الليل قال ابن عباس نشأ بلغة الحبشة قام من الليل ومنه قوله تعالى يؤتكم كفلين من رحمته قال أبو موسى الأشعري كفلان ضعفان من الأجر بلسان الحبشة وكذلك قال ابن عباس في القسورة أنه الأسد بلغة الحبشة إلى غير هذا من الأمثلة قال ع والذي أقوله أن القاعدة والعقيدة هي أن القرآن بلسان عربي مبين وليس فيه لفظة تخرج عن كلام العرب فلا تفهمها الا من لسان ءاخر فاما هذه الالفاظ وما جرى مجراها فانه قد كان للعرب العاربة التي نزل القرآن بلسانها بعض مخالطة لسائر الألسنة بتجارات وسفر إلى الشام وأرض الحبشة فعلقت العرب بهذا كله الفاظا أعجمية غيرت بعضها بالنقص من حروفها وجرت إلى تخفيف ثقل العجمة واستعملتها في أشعارها ومحاوراتها حتى جرت مجرى العربي الصريح ووقع بها البيان وعلى هذا الحد نزل بها القرآن فإن جهلها عربي ما فكجهله الصريح مما في لغة غيره كما لم يعرف ابن عباس معنى فاطر إلى غير ذلك فحقيقة العبارة عن هذه الألفاظ أنها في الأصل أعجمية لكن استعملتها العرب وعربتها فهي عربية بهذا الوجه وما ذهب إليه الطبري من أن اللغتين اتفقتا في لفظة لفظة فذلك بعيد بل إحداهما أصل والأخرى فرع في الأكثر لأنا لا ندفع أيضا جواز الاتفاق قليلا شاذا باب تفسير أسماء القرآن وذكر السورة والآية
Bogga 17