83

Jawaahir Tafsiir

جواهر التفسير

Noocyada

وذلك لئلا يتأثر السلوك فتتأثر بالتالي العقيدة، وهنا لا يملك المؤمن إلا أن يقف خاشعا أمام عظمة الإسلام وعمق حكمته وسلامة تربيته ولكن يا للأسف الشديد، أين هذه التعاليم القرآنية والتوجيهات النبوية من أمة اليوم؟ التي أخذت تلهث وراء بهرجة الجاهلية الحديثة، واطئة بأقدامها على قيمها وأخلاقها وعقيدتها، فما أكثر أولئك الذين يقيسون التقدم الحضاري بمقياس التأثر بحياة الغرب الجاهلية، فأصبحوا يتأسون بالغربيين في مأكلهم ومشربهم وملبسهم ونومهم وحديثهم، وجميع أمورهم المعاشية معتقدين بأن ذلك رمز الوعي وعنوان الترقي ولا يدري هؤلاء البله أن ذلك إن دل على شيء، فإنما يدل على الحماقة والتخلف والإنحطاط والذوبان.

هذا وقد بلغ الإسلام من دقته في هذه الأمور أن كل ما أراد أن يصل إلى هذه الأمة من مواريث النبوات السابقة، أوصله إليها بطريق الوحي لا بطريق العادات الجاهلية، بل قطع أولا صلتهم بالجاهلية رأسا، لئلا تبقى هذه الأمة عالة على غيرها من الأمم، في شيء من عقيدتها، ولا في شيء من عباداتها وعاداتها، ويكفي مثلا لذلك تعظيم البيت الحرام، الذي بقي عند العرب مما ورثوه عن أبي الأنبياء ابراهيم عليه السلام، ولكن بما أن ذلك قد تلوث بلوثات الجاهلية، صرف الله تعالى هذه الأمة أولا، حتى عن الإتجاه إلى البيت الحرام في صلاتها، لتتلقى جميع أمور دينها عن ربها سبحانه، من طريق الوحي، لا من طريق العادات الجاهلية ولما استقرت عقيدتها ورسخ إيمانها وصارت لا تتلقى إلا عن الله تعالى، أمرت من جديد باستقبال البيت الحرام، وشرعت لها المناسك العظام، بعدما محصتهم هداية الله ونجحوا في مرحلة الامتحان، ولذلك يقول الله تعالى:

وما جعلنا القبلة التي كنت عليهآ إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله

[البقرة: 143] وفي هذا ما يكفي لأن يكون عبرة لأولى الألباب، نسأل الله العون والتوفيق والتأييد والتسديد، وهو حسبنا وكفى.

تلاوة الفاتحة في الصلاة

فاتحة الكتاب هي أم القرآن، بالنص الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم وبما ذكرناه من اشتمالها على مجمل معاني القرآن، ولذلك شرعت تلاوتها في الصلاة، لتذكير المصلي بما تحتويه من المعاني القيمة، التى أنزل القرآن لتبيانها، ولا خلاف بين الامة في مشروعية تلاوة الفاتحة في الصلاة، ولكنهم اختلفوا في فرعين من فروع هذه المسألة، نقسم الحديث عنهما إلى مبحثين:-

المبحث الأول: في وجوب تلاوة الفاتحة في الصلاة، لقد جاءت الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، دالة على مشروعية تلاوة الفاتحة في الصلاة، بل على وجوبها منها ما أخرجه الربيع رحمه الله عن أبي عبيدة، عن جابر بن زيد عن أنس بن مالك رضى الله عنهم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

" من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج "

ورواه الجماعة إلا البخاري وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه . وعن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

" من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج "

Bog aan la aqoon