82

Jawaahir Tafsiir

جواهر التفسير

Noocyada

إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون

[المائدة: 55] وأتبع ذلك ما يكشف عن عاقبة الترابط بين المؤمنين برباط الولاية في قوله تعالى:

ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون

[المائدة: 56] ثم أتبع ذلك كله تأكيد التحذير من ولاية جميع القوم الكافرين في قوله:

يأيها الذين آمنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أوليآء

[المائدة: 57].

وفي هذا ما يكفي العاقل تنفيرا وتحذيرا من الإندفاع وراء خطوات الكافرين وهم الذين لا يضمرون لهذه الأمة إلا الحقد الأسود الدفين ولا يريدون لها إلا الذوبان في بوتقة الإلحاد، أو الغرق في خضم الفساد، ولذلك ينصبون كل ما يمكن من شراك المكائد، لاصطياد مرضى القلوب وضعاف الإيمان من هذه الأمة الذين يعيشهم بريق المظهر وتستهويهم نغمة التضليل والإفساد، وما الغاية من ذلك إلا ترغيبها في سفاسف الأمور، وتزهيدها في معاليها، هذا بجانب التآمر عليها في استقلالها وثرواتها.

ولا ريب أن غفلة هذه الأمة عن ذلك كله، هو الداء العضال المستعصي على العلاج، وإذا ألقينا نظرة على طريقة السلف الصالح، الذين مكن الله لهم في الأرض واستخلفهم فيها، نجد حياتهم تنم عن عمق فهمهم لمقاصد هذه التوجيهات الربانية، ولذلك كانوا ينأون بأنفسهم ويربأون عن الدنو حول ما يوهم مودة لأعدائهم أو إعجابا بشيء من أمرهم وذلك كله نتيجة التربية العملية التي ربوا بها على هداية القرآن، وإرشاده ونصحه وتعاليمه، وكان على رأس من قام بهذه التربية في هذه الأمة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

كما يتجلى ذلك في أقواله وأفعاله صلى الله عليه وسلم فقد بلغ الحال أن كانت صلوات الله وسلامه عليه يحرص على مخالفة الكفار حتى في الأمور العادية، ومن ذلك ما يروى أنه عليه أفضل الصلاة والسلام، كان واقفا في حال دفن ميت وكان أصحابه وقوفا معه، فمر بهم يهودي وقال: هكذا تصنع أحبارنا، فقعد النبي صلى الله عليه وسلم وأمر أصحابه بالقعود، مخالفة لمسلك اليهود، وكثيرا ما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه في معرض الأمر والنهي،

" خالفوا اليهود أو خالفوا المشركين "

Bog aan la aqoon