حجة الفريق الثاني:
وأما الآخرون فاحتجوا أيضا بالمعقول والمنقول، أما المعقول فمن وجوه:
أحدها: أنه لو تعذرت معرفة شيء من القرآن على أفهام الأمة ما كانت لإنزاله فائدة، وكانت مخاطبة الناس به كمخاطبة العربي بالأعجمية، أو الأعجمي بالعربية.
ثانيها: أن الخطاب إنما يوجه إلى المخاطبين لأجل الافهام، فإن تعذر فهمه عليهم جميعا فهو عبث وسفه لا يليق بمقام الربوبية.
ثالثها: أن القرآن متحدى به ولا يتحدى إلا بالمعلوم.
وأما المنقول فبعضه من القرآن وبعضه من السنة، فمن القرآن قوله تعالى:
أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالهآ
[محمد: 24]، فإن التوبيخ على عدم تدبره لا يكون إلا لأن تدبره مطلوب، وهو دليل إمكان فهمه، إذ لو كان متعذر الفهم ما كانت في تدبره فائدة. وفي معنى ذلك قوله:
أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا
[النساء: 82]، ومن البدهي أن معرفة سلامته من التناقض تتوقف على فهم جميع معانيه. وقوله:
Bog aan la aqoon