262

Jawaahirta quruxda badan ee fasiraadda Qur'aanka

الجواهر الحسان في تفسير القرآن

Noocyada

وقرأ نافع وحده: «فيكون طائرا»؛ بالإفراد؛ أي: يكون طائرا من الطيور، وقرأ الباقون: «فيكون طيرا»؛ بالجمع؛ وكذلك في «سورة المائدة» والطير: اسم جمع، وليس من أبنية الجموع، وإنما البناء في جمع طائر: أطيار، وجمع الجمع: طيور.

وقوله: { فأنفخ فيه } ، ذكر الضمير؛ لأنه يحتمل أن يعود على الطين المهيىء، ويحتمل أن يريد: فأنفخ في المذكور، وأنث الضمير في «سورة المائدة»؛ لأنه يحتمل أن يعود على الهيئة، أو على تأنيث لفظ الجماعة، وكون عيسى يخلق بيده، وينفخ بفيه، إنما هو ليبين تلبسه بالمعجزة، وأنها جاءت من قبله، وأما الإيجاد من العدم، وخلق الحياة في ذلك الطين، فمن الله تعالى وحده، لا شريك له.

وروي في قصص هذه الآية، أن عيسى عليه السلام كان يقول لبني إسرائيل: أي الطير أشد خلقة، وأصعب أن يحكى؟ فيقولون: الخفاش؛ لأنه طائر لا ريش له، فكان يصنع من الطين خفافيش، ثم ينفخ فيها فتطير، وكل ذلك بحضرة الناس، ومعاينتهم، فكانوا يقولون: «هذا ساحر» { أبرىء } معناه: أزيل المرض، و { الأكمه }: هو الذي يولد أعمى مضموم العينين؛ قاله ابن عباس وقتادة،

قال * ع *: والأكمه؛ في اللغة: هو الأعمى، وقد كان عيسى عليه السلام يبرىء بدعائه، ومسح يده على كل عاهة، ولكن الاحتجاج على بني إسرائيل في معنى النبوة لا يقوم إلا بالإبراء من العلل التي لا يبرىء منها طبيب بوجه، وروي في إحيائه الموتى؛ أنه كان يضرب بعصاه الميت، أو القبر، أو الجمجمة؛ فيحيى الإنسان، ويكلمه بإذن الله، وفي قصص الإحياء أحاديث كثيرة لا يوقف على صحتها، وآيات عيسى عليه السلام إنما تجري فيما يعارض الطب؛ لأن علم الطب كان شرف الناس في ذلك الزمان، وشغلهم، وحينئذ أثيرت فيه العجائب، فلما جاء عيسى عليه السلام بغرائب لا تقتضيها الأمزجة وأصول الطب؛ وذلك إحياء الموتى، وإبراء الأكمه والأبرص، علمت الأطباء؛ أن هذه القوة من عند الله، وهذا كأمر السحرة مع موسى، والفصحاء مع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ووقع في التواريخ المترجمة عن الأطباء؛ أن جالينوس كان في زمن عيسى عليه السلام ، وأنه رحل إليه من رومية إلى الشام، فمات في طريقه ذلك.

وقوله: { وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم } الآية: قال مجاهد وغيره: كان عيسى عليه السلام من لدن طفوليته، وهو في الكتاب، يخبر الصبيان بما يفعل آباؤهم في منازلهم، وبما يؤكل من الطعام، ويدخر، وكذلك إلى أن نبئى، فكان يقول لكل من سأله عن هذا المعنى: أكلت البارحة كذا، وادخرت كذا، وقال قتادة: معنى الآية: إنما هو في نزول المائدة عليهم، وذلك أنها لما نزلت، أخذ عليهم عهد أن يأكلوا ولا يخبأ أحد شيئا، ولا يدخره ولا يحمله إلى بيته، فخانوا، وجعلوا يخبئون، فكان عيسى عليه السلام يخبر كل أحد عما أكل، وعما ادخر في بيته من ذلك، وعوقبوا على ذلك.

وقوله: { فاتقوا الله وأطيعون }: تحذير، ودعاء إلى الله عز وجل.

وقوله: { هذا صرط مستقيم }: إشارة إلى قوله: { إن الله ربي وربكم فاعبدوه } ، لأن ألفاظه جمعت الإيمان والطاعات، والصراط: الطريق، والمستقيم: الذي لا اعوجاج فيه.

[3.52-54]

وقوله تعالى: { فلما أحس عيسى منهم الكفر } الآية: قبل هذه الآية محذوف، به يتم اتساق الآيات، تقديره: فجاء عيسى؛ كما بشر الله به، فقال جميع ما ذكر لبني إسرائيل، { فلما أحس } ، ومعنى: { أحس }: علم من جهة الحواس بما سمع من أقوالهم في تكذيبه، ورأى من قرائن أحوالهم، وشدة عداوتهم، وإعراضهم، { قال من أنصاري إلى الله } وقوله: { إلى الله }: يحتمل معنيين:

أحدهما: من ينصرني في السبيل إلى الله.

Bog aan la aqoon