Jawaahirta quruxda badan ee fasiraadda Qur'aanka
الجواهر الحسان في تفسير القرآن
Noocyada
[1 - سورة الفاتحة]
[1.1]
قال ابن عباس وغيره: إنها مكية؛ ويؤيد هذا أن في سورة الحجر:
ولقد آتيناك سبعا من المثاني
[الحجر:87] والحجر مكية بإجماع، وفي حديث أبي بن كعب أنها السبع المثاني.
ولا خلاف أن فرض الصلاة كان بمكة، وما حفظ أنه كانت قط في الإسلام صلاة بغير: { الحمد لله رب العالمين } ، وروي عن عطاء بن يسار وغيره؛................. أنها مدنية، وأما أسماؤها فلا خلاف أنه يقال لها فاتحة الكتاب، واختلف، هل يقال لها أم الكتاب؟ فكره ذلك الحسن بن أبي الحسن، وأجازه ابن عباس وغيره.
وفى تسميتها ب «أم الكتاب» حديث رواه أبو هريرة، واختلف هل يقال لها: «أم القرآن»؟ فكره ذلك ابن سيرين، وجوزه جمهور العلماء.
وسميت «المثاني»؛ لأنها تثنى في كل ركعة؛ وقيل: لأنها استثنيت لهذه الأمة.
وأما فضل هذه السورة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي بن كعب؛ أنها لم ينزل في التوراة، ولا في الإنجيل، ولا في الفرقان مثلها، وروي أنها تعدل ثلثي القرآن، وهذا العدل إما أن يكون في المعاني، وإما أن يكون تفضيلا من الله تعالى لا يعلل؛ وكذلك يجيء عدل:
قل هو الله أحد
Bog aan la aqoon
[الإخلاص:1] وعدل:
إذا زلزلت
[الزلزلة:1] وغيره.
* ت *: ونحو حديث أبي حديث أبي سعيد بن المعلى؛ إذ قال له صلى الله عليه وسلم:
" ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن { الحمد لله رب العالمين }؛ هي السبع المثاني، والقرآن العظيم الذي أوتيته "
رواه البخاري، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجة. انتهى من «سلاح المؤمن» تأليف الشيخ المحدث أبي الفتح تقي الدين محمد بن علي بن همام - رحمه الله -.
[1.2-3]
الحمد: معناه الثناء الكامل، والألف واللام فيه لاستغراق الجنس من المحامد، وهو أعم من الشكر؛ لأن الشكر إنما يكون على فعل جميل يسدى إلى الشاكر، والحمد المجرد هو ثناء بصفات المحمود.
قال: * ص *: وهل الحمد بمعنى الشكر أو الحمد أعم، أو الشكر ثناء على الله بأفعاله، والحمد ثناء عليه بأوصافه؟ ثلاثة أقوال. انتهى.
قال الطبري: الحمد لله: ثناء أثنى به على نفسه تعالى، وفي ضمنه أمر عباده أن يثنوا به عليه؛ فكأنه قال: قولوا: الحمد لله، وعلى هذا يجيء: قولوا: { إياك } ، و { اهدنا }.
Bog aan la aqoon
قال: وهذا من حذف العرب ما يدل ظاهر الكلام عليه، وهو كثير.
والرب؛ في اللغة: المعبود، والسيد المالك، والقائم بالأمور المصلح لما يفسد منها، فالرب على الإطلاق هو رب الأرباب على كل جهة، وهو الله تعالى.
والعالمون: جمع عالم، وهو كل موجود سوى الله تعالى، يقال لجملته: عالم، ولأجزائه من الإنس والجن وغير ذلك عالم، عالم، وبحسب ذلك يجمع على العالمين، ومن حيث عالم الزمان متبدل في زمان آخر، حسن جمعها، ولفظة العالم جمع لا واحد له من لفظه، وهو مأخوذ من العلم والعلامة؛ لأنه يدل على موجده؛ كذا قال الزجاج، قال أبو حيان: الألف واللام في العالمين للاستغراق، وهو جمع سلامة، مفرده عالم، اسم جمع، وقياسه ألا يجمع، وشذ جمعه أيضا جمع سلامة؛ لأنه ليس بعلم ولا صفة.
* م *: وذهب ابن مالك في «شرح التسهيل» إلى أن «عالمين» اسم جمع لمن يعقل، وليس جمع عالم؛ لأن العالم عام، و «عالمين» خاص، قلت: وفيه نظر. انتهى.
وقد تقدم القول في الرحمن الرحيم.
[1.4-5]
{ ملك يوم الدين }: الدين في كلام العرب على أنحاء، وهو هنا الجزاء يوم الدين، أي: يوم الجزاء على الأعمال والحساب بها؛ قاله ابن عباس وغيره؛ مدينين: محاسبين، وحكى أهل اللغة: دنته بفعله دينا؛ بفتح الدال، ودينا؛ بكسرها: جزيته؛ ومنه قول الشاعر: (الكامل)
واعلم يقينا أن ملكك زائل
واعلم بأن كما تدين تدان
{ إياك نعبد }: نطق المؤمن به إقرار بالربوبية، وتذلل وتحقيق لعبادة الله؛ وقدم «إياك» على الفعل اهتماما، وشأن العرب تقديم الأهم، واختلف النحويون في «إياك»، فقال الخليل: «إيا»: اسم مضمر أضيف إلى ما بعده؛ للبيان لا للتعريف، وحكى عن العرب: «إذا بلغ الرجل الستين، فإياه وإيا الشواب»، وقال المبرد: إيا: اسم مبهم أضيف للتخصيص لا للتعريف، وحكى ابن كيسان عن بعض الكوفيين أن «إياك» بكماله اسم مضمر، ولا يعرف اسم مضمر يتغير آخره غيره، وحكي عن بعضهم أنه قال: الكاف والهاء والياء هو الاسم المضمر، لكنها لا تقوم بأنفسها، ولا تكون إلا متصلات، فإذا تقدمت الأفعال جعل «إيا» عمادا لها، فيقال: إياك، وإياه، وإياي، فإذا تأخرت، اتصلت بالأفعال، واستغني عن «إيا».
Bog aan la aqoon
و { نعبد }: معناه: نقيم الشرع والأوامر مع تذلل واستكانة، والطريق المذلل يقال له معبد، وكذلك البعير.
و { نستعين }؛ معناه نطلب العون منك في جميع أمورنا، وهذا كله تبر من الأصنام.
[1.6-7]
وقوله تعالى: { اهدنا }: رغبة؛ لأنها من المربوب إلى الرب، وهكذا صيغ الأمر كلها، فإذا كانت من الأعلى، فهي أمر.
والهداية؛ في اللغة: الإرشاد، لكنها تتصرف على وجوه يعبر عنها المفسرون بغير لفظ الإرشاد وكلها إذا تأملت راجعة إلى الإرشاد، فالهدى يجيء بمعنى خلق الإيمان في القلب، ومنه قوله تعالى:
أولئك على هدى من ربهم
[البقرة:5] و
يهدي من يشآء إلى صرط مستقيم
[النور:46]، و
إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشآء
Bog aan la aqoon
[القصص:56]
فمن يرد الله أن يهديه
[الأنعام:125] الآية، قال أبو المعالي: فهذه الآيات لا يتجه جلها إلا على خلق الإيمان في القلب، وهو محض الإرشاد.
وقد جاء الهدى بمعنى الدعاء؛ كقوله تعالى:
ولكل قوم هاد
[الرعد:7] أي: داع
وإنك لتهدي إلى صرط مستقيم
[الشورى:52].
وقد جاء الهدى بمعنى الإلهام؛ من ذلك قوله تعالى:
أعطى كل شيء خلقه ثم هدى
Bog aan la aqoon
[طه:50].
قال المفسرون: ألهم الحيوانات كلها إلى منافعها.
وقد جاء الهدى بمعنى البيان؛ من ذلك قوله تعالى:
وأما ثمود فهدينهم
[فصلت:17] قال المفسرون: معناه: بينا لهم.
قال أبو المعالي: معناه: دعوناهم، وقوله تعالى:
إن علينا للهدى
[الليل:12]، أي: علينا أن نبين.
وفي هذا كله معنى الإرشاد.
قال أبو المعالي: وقد ترد الهداية، والمراد بها إرشاد المؤمنين إلى مسالك الجنان والطرق المفضية إليها؛ كقوله تعالى في صفة المجاهدين:
Bog aan la aqoon
فلن يضل أعملهم سيهديهم ويصلح بالهم
[محمد:4-5] ومنه قوله تعالى:
فاهدوهم إلى صرط الجحيم
[الصافات:23]، معناه: فاسلكوهم إليها.
قال: * ع *: وهذه الهداية بعينها هي التي تقال في طرق الدنيا، وهي ضد الضلال، وهي الواقعة في قوله تعالى: { اهدنا الصراط المستقيم }؛ على صحيح التأويلات، وذلك بين من لفظ «الصراط» والصراط؛ في اللغة: الطريق الواضح؛ ومن ذلك قول جرير: (الوافر)
أمير المؤمنين على صراط
إذا اعوج الموارد مستقيم
واختلف المفسرون في المعنى الذي استعير له «الصراط» في هذا الموضع: فقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: الصراط المستقيم هنا القرآن، وقال جابر: هو الإسلام، يعني الحنيفية.
وقال محمد بن الحنفية: هو دين الله الذي لا يقبل من العباد غيره.
وقال أبو العالية: هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحباه أبو بكر وعمر، أي: الصراط المستقيم طريق محمد صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر، وهذا قوي في المعنى، إلا أن تسمية أشخاصهم طريقا فيه تجوز، ويجتمع من هذه الأقوال كلها أن الدعوة هي أن يكون الداعي على سنن المنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين في معتقداته، وفي التزامه لأحكام شرعه، وذلك هو مقتضى القرآن والإسلام؛ وهو حال رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه.
Bog aan la aqoon
وهذا الدعاء إنما أمر به المؤمنون، وعندهم المعتقدات، وعند كل واحد بعض الأعمال، فمعنى قوله: { اهدنا } فيما هو حاصل عندهم: التثبيت والدوام، وفيما ليس بحاصل، إما من جهة الجهل به، أو التقصير في المحافظة عليه: طلب الإرشاد إليه، فكل داع به إنما يريد الصراط بكماله في أقواله، وأفعاله، ومعتقداته؛ واختلف في المشار إليهم بأنه سبحانه أنعم عليهم، وقول ابن عباس، وجمهور من المفسرين: أنه أراد صراط النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وانتزعوا ذلك من قوله تعالى:
ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم
الآية [النساء:66] إلى قوله:
رفيقا
وقوله تعالى: { غير المغضوب عليهم ولا الضالين } ، اعلم أن حكم كل مضاف إلى معرفة أن يكون معرفة، وإنما تنكرت «غير» و «مثل» مع إضافتهما إلى المعارف من أجل معناهما، وذلك إذا قلت: رأيت غيرك، فكل شيء سوى المخاطب، فهو غيره؛ وكذلك إن قلت: رأيت مثلك، فما هو مثله لا يحصى؛ لكثرة وجوه المماثلة.
و { المغضوب عليهم }: اليهود، والضالون: النصارى؛ قاله ابن مسعود، وابن عباس، مجاهد، والسدي، وابن زيد.
وروى ذلك عدي بن حاتم عن النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك بين من كتاب الله؛ لأن ذكر غضب الله على اليهود متكرر فيه؛ كقوله:
وباءو بغضب من الله
[آل عمران:112]
قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله...
Bog aan la aqoon
الآية [المائدة:60] وغضب الله تعالى، عبارة عن إظهاره عليهم محنا وعقوبات وذلة، ونحو ذلك مما يدل على أنه قد أبعدهم عن رحمته بعدا مؤكدا مبالغا فيه، والنصارى كان محققوهم على شرعة قبل ورود شرع محمد صلى الله عليه وسلم، فلما ورد، ضلوا، وأما غير متحققيهم، فضلالتهم متقررة منذ تفرقت أقوالهم في عيسى عليه السلام، وقد قال الله تعالى فيهم:
ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل
[المائدة:77].
وأجمع الناس على أن عدد آي سورة الحمد سبع آيات؛ العالمين آية، الرحيم آية، الدين آية، نستعين آية، المستقيم آية، أنعمت عليهم آية، ولا الضالين آية، وقد ذكرنا عند تفسير { بسم الله الرحمن الرحيم }؛ أن ما ورد من خلاف في ذلك ضعيف.
(القول في «آمين»)
روى أبو هريرة وغيره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
" إذا قال الإمام: { ولا الضالين }؛ فقولوا «آمين»، فإن الملائكة في السماء تقول: «آمين»، فمن وافق قوله قول الملائكة، غفر له ما تقدم من ذنبه ".
* ت *: وخرج مسلم وأبو داود والنسائي من طريق أبي موسى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
" إذا صليتم فأقيموا صفوفكم، ثم ليؤمكم أحدكم، فإذا كبر فكبروا، وإذا قال: { غير المغضوب عليهم ولا الضالين } فقولوا: «آمين»، يجبكم الله "
الحديث. انتهى.
Bog aan la aqoon
ومعنى «آمين»؛ عند أكثر أهل العلم: اللهم، استجب، أو أجب يا رب.
ومقتضى الآثار أن كل داع ينبغي له في آخر دعائه أن يقول: «آمين»، وكذلك كل قارىء للحمد في غير صلاة، وأما في الصلاة، فيقولها المأموم والفذ، وفي الإمام في الجهر اختلاف.
واختلف في معنى قوله صلى الله عليه وسلم:
" فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة "
، فقيل: في الإجابة، وقيل: في خلوص النية، وقيل: في الوقت، والذي يترجح أن المعنى: فمن وافق في الوقت مع خلوص النية والإقبال على الرغبة إلى الله بقلب سليم فالإجابة تتبع حينئذ؛ لأن من هذه حاله، فهو على الصراط المستقيم.
وفي «صحيح مسلم» وغيره عن أبي هريرة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول؛
" قال الله عز وجل: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فنصفها لي، ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين، قال الله؛ حمدني عبدي، فإذا قال: الرحمن الرحيم، قال الله: أثنى علي عبدي، وإذا قال: مالك يوم الدين، قال: مجدني عبدي، فإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين، قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، فإذا قال: اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين، قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل "
انتهى، وعند مالك: «فهؤلاء لعبدي».
وأسند أبو بكر بن الخطيب عن نافع عن ابن عمر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
" من كان له إمام، فقراءة الإمام له قراءة "
Bog aan la aqoon
انتهى من «تاريخ بغداد» ولم يذكر في سنده مطعنا.
وقال ابن العربي في «أحكامه»: والصحيح عندي وجوب قراءتها على المأموم فيما أسر فيه، وتحريمها فيما جهر فيه، إذا سمع الإمام لما عليه من وجوب الإنصات والاستماع، فإن بعد عن الإمام، فهو بمنزلة صلاة السر. انتهى.
نجز تفسير سورة الحمد، والحمد لله بجميع محامده كلها؛ ما علمت منها، وما لم أعلم.
[2 - سورة البقرة]
[2.1-3]
قوله تعالى: { الم }: اختلف في الحروف التي في أوائل السور على قولين؛ فقال الشعبي، وسفيان الثوري، وجماعة من المحدثين: هي سر الله في القرآن، وهي من المتشابه الذي انفرد الله بعلمه، ولا يجب أن يتكلم فيها، ولكن يؤمن بها، وتمر كما جاءت، وقال الجمهور من العلماء، بل يجب أن يتكلم فيها، وتلتمس الفوائد التي تحتها، والمعاني التي تتخرج عليها، واختلفوا في ذلك على اثني عشر قولا.
فقال علي، وابن عباس رضي الله عنهما: الحروف المقطعة في القرآن: هي اسم الله الأعظم إلا أنا لا نعرف تأليفه منها.
وقال ابن عباس أيضا: هي أسماء الله أقسم بها، وقال أيضا: هي حروف تدل على: أنا الله أعلم، أنا الله أرى، وقال قوم:........ هي حساب أبي جاد؛ لتدل على مدة ملة محمد صلى الله عليه وسلم؛ كما ورد في حديث حيي بن أخطب، وهو قول أبي العالية وغيره.
* ت *: وإليه مال السهيلي في «الروض الأنف»، فانظره.
قوله تعالى: { ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين }: الاسم من «ذلك»: الذال، والألف، واللام؛ لبعد المشار إليه، والكاف للخطاب.
Bog aan la aqoon
واختلف في «ذلك» هنا؛ فقيل: هو بمعنى «هذا»، وتكون الإشارة إلى هذه الحروف من القرآن، وذلك أنه قد يشار بذلك إلى حاضر تعلق به بعض غيبة، وقيل: هو على بابه، إشارة إلى غائب.
واختلفوا في ذلك الغائب؛ فقيل: ما قد كان نزل في القرآن، وقيل غير ذلك؛ انظره.
و { لا ريب فيه }: معناه: لا شك فيه، و { هدى }: معناه إرشاد وبيان، وقوله: { للمتقين }: اللفظ مأخوذ من «وقى»، والمعنى: الذين يتقون الله تعالى بامتثال أوامره، واجتناب معاصيه، كان ذلك وقاية بينهم وبين عذابه.
قوله تعالى: { الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلوة ومما رزقنهم ينفقون }. { يؤمنون }: معناه يصدقون، وقوله: { بالغيب } قالت طائفة: معناه: يصدقون، إذا غابوا وخلوا، لا كالمنافقين الذين يؤمنون إذا حضروا، ويكفرون إذا غابوا، وقال آخرون: معناه: يصدقون بما غاب عنهم مما أخبرت به الشرائع، وقوله: { يقيمون الصلوة } معناه: يظهرونها ويثبتونها؛ كما يقال: أقيمت السوق.
* ت *: وقال أبو عبد الله النحوي في اختصاره لتفسير الطبري: إقامة الصلاة إتمام الركوع، والسجود، والتلاوة، والخشوع، والإقبال عليها. انتهى.
قال: * ص *: يقيمون الصلاة من التقويم؛ ومنه: أقمت العود، أو الإدامة؛ ومنه: قامت السوق، أو التشمير والنهوض؛ ومنه: قام بالأمر. انتهى.
وقوله تعالى: { ومما رزقنهم ينفقون }: الرزق عند أهل السنة ما صح الانتفاع به، حلالا كان أو حراما، و { ينفقون }: معناه هنا: يؤتون ما ألزمهم الشرع من زكاة، وما ندبهم إليه من غير ذلك.
[2.4-7]
قوله تعالى: { والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون }: اختلف المتأولون من المراد بهذه الآية والتي قبلها، فقال قوم: الآيتان جميعا في جميع المؤمنين، وقال آخرون: هما في مؤمني أهل الكتاب، وقال آخرون: الآية الأولى في مؤمني العرب، والثانية في مؤمني أهل الكتاب؛ كعبد الله بن سلام؛ وفيه نزلت.
وقوله: { بما أنزل إليك }: يعني القرآن، { وما أنزل من قبلك } ، يعني: الكتب السالفة، و { يوقنون } معناه: يعلمون علما متمكنا في نفوسهم، واليقين أعلى درجات العلم.
Bog aan la aqoon
وقوله تعالى: { أولئك على هدى من ربهم } إشارة إلى المذكورين، والهدى هنا: الإرشاد، والفلاح: الظفر بالبغية، وإدراك الأمل.
قوله تعالى: { إن الذين كفروا سواء عليهم ءأنذرتهم } إلى { عظيم }: اختلف فيمن نزلت هذه الآية بعد الاتفاق على أنها غير عامة لوجود الكفار قد أسلموا بعدها، فقال قوم: هي فيمن سبق في علم الله، أنه لا يؤمن، وقال ابن عباس: نزلت في حيي بن أخطب، وأبي ياسر بن أخطب، وكعب بن الأشرف، ونظرائهم.
والقول الأول هو المعتمد عليه.
وقوله: { سواء عليهم } معناه: معتدل عندهم، والإنذار: إعلام بتخويف، هذا حده، وقوله تعالى: { ختم }: مأخوذ من الختم، وهو الطبع، والخاتم: الطابع؛ قال في مختصر الطبري: والصحيح أن هذا الطبع حقيقة.......... لا أنه مجاز؛ فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم:
" إن العبد إذا أذنب ذنبا، نكتت نكتة سوداء في قلبه، فإن تاب، ونزع واستغفر، صقل قلبه، وإن زاد، زادت؛ حتى تغلق قلبه، فذلك الران الذي قال الله تعالى: { كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون } [المطففين:14] "
انتهى.
والغشاوة: الغطاء المغشي الساتر، وقوله تعالى: { ولهم عذاب عظيم }: معناه: لمخالفتك يا محمد، وكفرهم بالله، و { عظيم }: معناه بالإضافة إلى عذاب دونه.
[2.8-12]
قوله تعالى: { ومن الناس من يقول ءامنا بالله... } إلى { وما يشعرون }. هذه الآية نزلت في المنافقين، وسمى الله تعالى يوم القيامة اليوم الآخر؛ لأنه لا ليل بعده، ولا يقال يوم إلا لما تقدمه ليل، واختلف المتأولون في قوله: { يخدعون الله } ، فقال الحسن بن أبي الحسن: المعنى يخادعون رسول الله، فأضاف الأمر إلى الله تجوزا؛ لتعلق رسوله به، ومخادعتهم هي تحيلهم في أن يفشي رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون إليهم أسرارهم.
* ع *: تقول: خادعت الرجل؛ بمعنى: أعملت التحيل عليه، فخدعته، بمعنى: تمت عليه الحيلة، ونفذ فيه المراد، وقال جماعة: بل يخادعون الله والمؤمنين؛ بإظهارهم من الإيمان خلاف ما أبطنوا من الكفر، وإنما خدعوا أنفسهم؛ لحصولهم في العذاب، { وما يشعرون } بذلك، معناه: وما يعلمون علم تفطن وتهد، وهي لفظة مأخوذة من الشعار؛ كأن الشيء المتفطن له شعار للنفس، وقولهم: ليت شعري: معناه: ليت فطنتي تدرك.
Bog aan la aqoon
واختلف، ما الذي نفى الله عنهم أن يشعروا له؟ فقالت طائفة: وما يشعرون أن ضرر تلك المخادعة راجع عليهم؛ لخلودهم في النار، وقال آخرون: وما يشعرون أن الله يكشف لك سرهم ومخادعتهم في قولهم: { ءامنا }.
قوله تعالى: { في قلوبهم مرض } ، أي: في عقائدهم فساد، وهم المنافقون، وذلك إما أن يكون شكا، وإما جحدا بسبب حسدهم مع علمهم بصحة ما يجحدون، وقال قوم: المرض غمهم بظهوره صلى الله عليه وسلم، { فزادهم الله مرضا } ، قيل: هو دعاء عليهم، وقيل: هو خبر أن الله قد فعل بهم ذلك، وهذه الزيادة هي بما ينزل من الوحي، ويظهر من البراهين.
* ت *: لما تكلم. * ع *: على تفسير قوله تعالى:
عليهم دائرة السوء
[الفتح:6]. قال: كل ما كان بلفظ دعاء من جهة الله عز وجل، فإنما هو بمعنى إيجاب الشيء؛ لأن الله تعالى لا يدعو على مخلوقاته، وهي في قبضته، ومن هذا:
ويل لكل همزة
[الهمزة:1]،
ويل للمطففين
[المطففين:1]، وهي كلها أحكام تامة تضمنها خبره تعالى: { ولهم عذاب أليم } ، أي: مؤلم، { وإذا قيل لهم لا تفسدوا فى الأرض } أي: بالكفر وموالاة الكفرة؛ ولقول المنافقين: { إنما نحن مصلحون } ثلاث تأويلات:
أحدها: جحد أنهم يفسدون، وهذا استمرار منهم على النفاق.
Bog aan la aqoon
والثاني: أن يقروا بموالاة الكفار ويدعون أنها صلاح؛ من حيث هم قرابة توصل.
والثالث: أنهم يصلحون بين الكفار والمؤمنين.
و «ألا »: استفتاح كلام، و «لكن»: حرف استدراك، ويحتمل أن يراد هنا: لا يشعرون أنهم مفسدون، ويحتمل أن يراد: لا يشعرون أن الله يفضحهم.
[2.13-16]
قوله تعالى: { وإذا قيل لهم ءامنوا كما ءامن الناس... } الآية: المعنى: صدقوا بمحمد وشرعه كما صدق المهاجرون والمحققون من أهل يثرب، قالوا: أنكون كالذين خفت عقولهم، والسفه: الخفة والرقة الداعية إلى الخفة، يقال: ثوب سفيه، إذا كان رقيقا هلهل النسج، وهذا القول إنما كانوا يقولونه في خفاء، فأطلع الله عليه نبيه عليه السلام، والمؤمنين، وقرر أن السفه ورقة الحلوم وفساد البصائر إنما هو في حيزهم وصفة لهم، وأخبر أنهم لا يعلمون أنهم السفهاء للرين الذي على قلوبهم.
وقوله تعالى: { وإذا لقوا الذين ءامنوا... } الآية: هذه كانت حال المنافقين: إظهار الإيمان للمؤمنين، وإظهار الكفر في خلواتهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض عنهم، ويدعهم في غمرة الاشتباه؛ مخافة أن يتحدث الناس عنه أنه يقتل أصحابه حسبما وقع في قصة عبد الله بن أبي ابن سلول، قال مالك: النفاق في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الزندقة اليوم، واختلف المفسرون في المراد بشياطينهم، فقال ابن عباس رضي الله عنهما: هم رؤساء الكفر، وقيل: الكهان، قال البخاري: قال مجاهد: { إلى شيطينهم } ، أي: أصحابهم من المنافقين والمشركين.
قال: * ص *: شياطينهم: جمع شيطان، وهو كل متمرد من الجن والإنس والدواب. قاله ابن عباس، وأنثاه شيطانة. انتهى.
* ت *: ويجب على المؤمن أن يجتنب هذه الأخلاق الذميمة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
" من شر الناس ذو الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه، وهؤلاء بوجه "
رواه أبو داود، وفيه عنه صلى الله عليه وسلم:
Bog aan la aqoon
" من كان له وجهان في الدنيا، كان له يوم القيامة لسانان من نار "
انتهى. من سنن أبي داود.
{ الله يستهزىء بهم }: اختلف المفسرون في هذا الاستهزاء، فقال جمهور العلماء: هي تسمية العقوبة باسم الذنب، والعرب تستعمل ذلك كثيرا، وقال قوم: إن الله سبحانه يفعل بهم أفعالا هي في تأمل البشر هزء؛ روي أن النار تجمد كما تجمد الإهالة، فيمشون عليها، ويظنون أنها منجاة، فتخسف بهم، وما روي أن أبواب النار تفتح لهم، فيذهبون إلى الخروج، نحا هذا المنحى ابن عباس والحسن.
* ت *: وقوله تعالى:
قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا
[الحديد:13] يقوي هذا المنحى، وهكذا نص عليه في اختصار الطبري. انتهى.
وقيل: استهزاؤه بهم هو استدراجهم بدرور النعم الدنيوية، و { يمدهم } ، أي: يزيدهم في الطغيان، وقال مجاهد: معناه: يملي لهم، والطغيان الغلو وتعدي الحد؛ كما يقال: طغى الماء، وطغت النار و { يعمهون }: معناه: يترددون حيرة، والعمه الحيرة من جهة النظر، والعامه الذي كأنه لا يبصر.
[2.17-20]
قوله تعالى: { مثلهم كمثل الذي استوقد نارا } إلى قوله: { يأيها الناس }: قال الفخر: اعلم أن المقصود من ضرب المثال أنه يؤثر في القلوب ما لا يؤثره وصف الشيء في نفسه؛ لأن الغرض من المثل تشبيه الخفي بالجلي، والغائب بالشاهد، فيتأكد الوقوف على ماهيته، ويصير الحس مطابقا للعقل؛ وذلك هو النهاية في الإيضاح؛ ألا ترى أن الترغيب والترهيب إذا وقع مجردا عن ضرب مثل، لم يتأكد وقوعه في القلب؛ كتأكده مع ضرب المثل، ولهذا أكثر الله تعالى في كتابه المبين، وفي سائر كتبه الأمثال، قال تعالى:
وتلك الأمثل نضربها للناس لعلهم يتفكرون
Bog aan la aqoon
[الحشر:21] انتهى.
والمثل والمثل والمثيل واحد، معناه: الشبيه، قاله أهل اللغة.
و { استوقد }: قيل: معناه أوقد.
واختلف المتأولون في فعل المنافقين الذي يشبه فعل الذي استوقد نارا؛ فقالت فرقة: هي فيمن كان آمن، ثم كفر بالنفاق، فإيمانه بمنزلة النار أضاءت، وكفره بعد بمنزلة انطفائها، وذهاب النور، وقالت فرقة، منهم قتادة: نطقهم ب «لا إله إلا الله» والقرآن كإضاءة النار، واعتقادهم الكفر بقلوبهم كانطفائها، قال جمهور النحاة: جواب «لما»: «ذهب» ويعود الضمير من نورهم على «الذي»، وعلى هذا القول يتم تمثيل المنافق بالمستوقد؛ لأن بقاء المستوقد في ظلمات لا يبصر كبقاء المنافق؛ على الخلاف المتقدم.
وقال قوم: جواب «لما» مضمر، وهو «طفئت»، فالضمير في «نورهم» على هذا للمنافقين، والإخبار بهذا هو عن حال لهم تكون في الآخرة، وهو قوله تعالى :
فضرب بينهم بسور له باب...
الآية [الحديد:13] وهذا القول غير قوي.
والأصم: الذي لا يسمع، والأبكم: الذي لا ينطق، ولا يفهم، فإذا فهم، فهو الأخرس، وقيل: الأبكم والأخرس واحد، ووصفهم بهذه الصفات؛ إذ أعمالهم من الخطإ وعدم الإجابة؛ كأعمال من هذه صفته.
و «صم»: رفع على خبر الابتداء، إما على تقدير تكرير «أولئك»، أو إضمارهم.
وقوله تعالى: { فهم لا يرجعون } قيل: معناه: لا يؤمنون بوجه، وهذا إنما يصح أن لو كانت الآية في معينين، وقيل: معناه: فهم لا يرجعون ما داموا على الحال التي وصفهم بها، وهذا هو الصحيح.
Bog aan la aqoon
{ أو كصيب }: «أو»: للتخيير، معناه مثلوهم بهذا أو بهذا، والصيب المطر؛ من: صاب يصوب، إذا انحط من علو إلى سفل.
و { ظلمت }: بالجمع: إشارة إلى ظلمة الليل وظلمة الدجن، ومن حيث تتراكب وتتزيد جمعت، وكون الدجن مظلما هول وغم للنفوس؛ بخلاف السحاب والمطر، إذا انجلى دجنه، فإنه سار جميل.
واختلف العلماء في «الرعد»، فقال ابن عباس ومجاهد وشهر بن حوشب وغيرهم: هو ملك يزجر السحاب بهذا الصوت المسموع كلما خالفت سحابة، صاح بها، فإذا اشتد غضبه، طارت النار من فيه، فهي الصواعق، واسم هذا الملك: الرعد.
وقيل: الرعد ملك، وهذا الصوت تسبيحه.
وقيل: الرعد: اسم الصوت المسموع؛ قاله علي بن أبي طالب.
وأكثر العلماء على أن الرعد ملك، وذلك صوته يسبح ويزجر السحاب.
واختلفوا في البرق.
فقال علي بن أبي طالب؛ وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم:
" هو مخراق حديد بيد الملك يسوق به السحاب "
وهذا أصح ما روي فيه.
Bog aan la aqoon
وقال ابن عباس: هو سوط نور بيد الملك يزجي به السحاب، وروي عنه:
" أن البرق ملك يتراءى "
واختلف المتأولون في المقصد بهذ المثل، وكيف تترتب أحوال المنافقين الموازنة لما في المثل من الظلمات والرعد والبرق والصواعق.
فقال جمهور المفسرين: مثل الله تعالى القرآن بالصيب، فما فيه من الإشكال عليهم والعمى هو الظلمات، وما فيه من الوعيد والزجر هو الرعد، وما فيه من النور والحجج الباهرة هو البرق، وتخوفهم وروعهم وحذرهم هو جعل أصابعهم في آذانهم، وفضح نفاقهم، واشتهار كفرهم، وتكاليف الشرع التي يكرهونها من الجهاد والزكاة ونحوه هي الصواعق، وهذا كله صحيح بين.
وقال ابن مسعود: إن المنافقين في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يجعلون أصابعهم في آذانهم؛ لئلا يسمعوا القرآن، فضرب الله المثل لهم، وهذا وفاق لقول الجمهور.
و { محيط بالكفرين } معناه: بعقابهم، يقال: أحاط السلطان بفلان، إذا أخذه أخذا حاصرا من كل جهة، ومنه قوله تعالى:
وأحيط بثمره
[الكهف:42].
و { يكاد } فعل ينفي المعنى مع إيجابه، ويوجبه مع النفي، فهنا لم يخطف البرق الأبصار، والخطف: الانتزاع بسرعة، ومعنى { يكاد البرق يخطف أبصرهم } ، تكاد حجج القرآن وبراهينه وآياته الساطعة تبهرهم، ومن جعل البرق في المثل الزجر والوعيد، قال: يكاد ذلك يصيبهم.
و «كلما»: ظرف، والعامل فيه «مشوا»، و «قاموا» معناه: ثبتوا، ومعنى الآية فيما روي عن ابن عباس وغيره: كلما سمع المنافقون القرآن، وظهرت لهم الحجج، أنسوا ومشوا معه، فإذا نزل من القرآن ما يعمهون فيه، ويضلون به، أو يكلفونه، قاموا، أي: ثبتوا على نفاقهم.
Bog aan la aqoon
وروي عن ابن مسعود؛ أن معنى الآية: كلما صلحت أحوالهم في زروعهم ومواشيهم، وتوالت عليهم النعم، قالوا: دين محمد دين مبارك، وإذا نزلت بهم مصيبة أو أصابتهم شدة، سخطوه وثبتوا في نفاقهم.
ووحد السمع؛ لأنه مصدر يقع للواحد والجمع.
وقوله سبحانه: { على كل شيء قدير } لفظه العموم، ومعناه عند المتكلمين: فيما يجوز وصفه تعالى بالقدرة عليه، وقدير بمعنى قادر، وفيه مبالغة، وخص هنا سبحانه صفته التي هي القدرة بالذكر؛ لأنه قد تقدم ذكر فعل مضمنه الوعيد والإخافة، فكان ذكر القدرة مناسبا لذلك.
[2.21-24]
قوله تعالى: { يأيها الناس اعبدوا ربكم... } الآية: «يا»: حرف نداء، وفيه تنبيه، و «أي» هو المنادى، قال مجاهد: { يأيها الناس } حيث وقع في القرآن مكي، و { يأيها الذين ءامنوا } مدني.
قال: * ع *: قد تقدم في أول السورة؛ أنها كلها مدنية، وقد يجيء في المدني: { يأيها الناس }.
وأما قوله في: { يأيها الذين ءامنوا } فصحيح.
{ اعبدوا ربكم }: معناه: وحدوه، وخصوه بالعبادة ، وذكر تعالى خلقه لهم؛ إذ كانت العرب مقرة بأن الله خلقها، فذكر ذلك سبحانه حجة عليهم، ولعل في هذه الآية قال فيها كثير من المفسرين: هي بمعنى إيجاب التقوى، وليست من الله تعالى بمعنى ترج وتوقع، وفي «مختصر الطبري»: { لعلكم تتقون } عن مجاهد، أي: لعلكم تطيعون، والتقوى التوقي من عذاب الله بعبادته، وهي من الوقاية، وأما «لعل» هنا، فهي بمعنى «كي» أو «لام كي»، أي: لتتقوا، أو لكي تتقوا، وليست هنا من الله تعالى بمعنى الترجي، وإنما هي بمعنى كي، وقد تجيء بمعنى «كي» في اللغة؛ قال الشاعر: (الطويل)
وقلتم لنا كفوا الحروب لعلنا
نكف ووثقتم لنا كل موثق
Bog aan la aqoon