فقال المدير بجفاء: وعدت بأن تستدعيك في الوقت المناسب.
ولم يتحرك الرجل فتلفن للمرأة ليتخلص منه، ثم ناوله التليفون بناء على رغبتها فيما بدا، فقال سيد الأعمى: يا ست هانم العصر فات ونهار الشتاء قصير.
وأصغى إلى السماعة مليا ثم أعادها ورجع إلى الاستراحة غير مرتاح، والمدير يلعنه من صميم قلبه، ويحمل المرأة مسئولية استدعائه إلى الفندق، ويرمق باب الاستراحة بنفور وتقزز، ونزل بعض النزلاء في طريقهم إلى الخارج، فأبدوا للمدير ملاحظات عن الحجرة 12 المقلقة للراحة فقال الرجل معتذرا: يوجد بها زوار وسيذهبون عاجلا أو آجلا، لن يبقى أحد منهم في الليل.
بات يخشى أن تدفعه مسئوليته إلى الصدام معهم، وهم من الصفوة القوية، وضاعف من كآبته صفير الرياح في الخارج، وروح الأسى التي تغشى الطريق. ورغم ذلك تراءى عند مدخل الفندق جماعة من الرجال والنساء، أقبلوا نحوه في معاطفهم فغاص قلبه في صدره، وبادرهم وهو لا يدري: بهيجة هانم الذهبي؟
فضحك أحدهم وقال: أبلغها من فضلك أن مندوبي جمعية إحياء التراث قد جاءوا.
واتصل المدير بالمرأة فلما طلبت السماح لهم قال لها: عددهم عشرة يا هانم، وتحت أمرك في الدور الأرضي استراحة تتسع لأي عدد! - ولكن في الحجرة متسعا!
وصعد المندوبون والمندوبات، والرجل يهز رأسه في حيرة، سيقع الصدام عاجلا أو آجلا، سيتفجر غضب السماء في الخارج، سيتمخض ذلك التكتل الشاذ في الحجرة 12 عن شيء غير سار، وحانت منه التفاتة نحو الاستراحة فرأى سيد الأعمى، يزحف نحوه فنقر بأصابعه على سطح الطاولة بعصبية، أوصله بالمرأة قبل أن يفتح فاه، سمع شكواه ثم سمع إذعانه، وتركه يعيد السماعة بنفسه، ولكن الرجل قال له وهو يهم بالذهاب: الانتظار بلا عمل ممل جدا.
فغضب المدير، وكاد يوبخه لولا أن المرأة اتصلت به طالبة إيصالهم بالمطعم، واستمرت المكالمة دقائق قبل أن تنقطع، وتساءل هل يبقون حتى العشاء؟ وأين يتناولون عشاءهم، كم يود أن يعاين الحجرة بحالتها الراهنة، إنه منظر يفوق الخيال، منظر جنوني بلا أدنى ريب.
ولم يقف الطوفان عند حد فجاء نفر من أساتذة الجامعة ورجال الدين، أمست المناقشة عقيمة، تركهم يصعدون، بدا الأمر مزاحا كابوسيا، وجاء رجل غامض فصعد دون أن يمر به، وقد ناداه فلم يلتفت إليه، وتبعه فراش ولكنه توقف عندما رآه يدخل الحجرة 12. وشعر المدير بأنه وحيد وبأنه يفقد سيطرته القانونية على المكان، وبأن شيطان الأحلام البهيمية يطرق بابه بعنف، وفكر بأن يشاور شيخ الفراشين ولكن ظهر له رجل ما إن رآه حتى تشهد في ارتياح، تصافحا وهو يقول للقادم: جئت في وقتك يا حضرة المخبر.
فقال المخبر بهدوء: أطلعني على السجل. - تحدث أمور غريبة هنا.
Bog aan la aqoon