77

Jamic Li Ahkam Quran

الجامع لاحكام القرآن

Baare

أحمد البردوني وإبراهيم أطفيش

Daabacaha

دار الكتب المصرية

Lambarka Daabacaadda

الثانية

Sanadka Daabacaadda

١٣٨٤ هـ - ١٩٦٤ م

Goobta Daabacaadda

القاهرة

وَالشَّرْطُ الثَّالِثُ هُوَ أَنْ يَسْتَشْهِدَ بِهَا مُدَّعِي الرِّسَالَةِ عَلَى اللَّهِ ﷿، فَيَقُولُ: آيَتِي أَنْ يَقْلِبَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ هَذَا الْمَاءَ زَيْتًا أَوْ يُحَرِّكَ الْأَرْضَ عِنْدَ قَوْلِي لَهَا، تَزَلْزَلِي، فَإِذَا فَعَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ ذَلِكَ حَصَلَ الْمُتَحَدَّى بِهِ. الشَّرْطُ الرَّابِعُ هُوَ أَنْ تَقَعَ عَلَى وَفْقِ دَعْوَى الْمُتَحَدِّي بِهَا الْمُسْتَشْهَدِ بِكَوْنِهَا مُعْجِزَةً لَهُ، وَإِنَّمَا وَجَبَ اشْتِرَاطُ هَذَا الشَّرْطِ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ الْمُدَّعِي لِلرِّسَالَةِ: آيَةُ نُبُوَّتِي وَدَلِيلُ حُجَّتِي أَنْ تَنْطِقَ يَدِي أَوْ هَذِهِ الدَّابَّةُ فَنَطَقَتْ يَدُهُ أَوِ الدَّابَّةُ بِأَنْ قَالَتْ: كَذَبَ وَلَيْسَ هُوَ نَبِيٌّ فَإِنَّ هَذَا الْكَلَامَ الَّذِي خلقه الله تعالى دال كذب الْمُدَّعِي لِلرِّسَالَةِ، لِأَنَّ مَا فَعَلَهُ اللَّهُ لَمْ يَقَعْ عَلَى وَفْقِ دَعْوَاهُ. وَكَذَلِكَ مَا يُرْوَى أَنَّ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابَ لَعَنَهُ اللَّهُ تَفَلَ فِي بِئْرٍ لِيَكْثُرَ مَاؤُهَا فَغَارَتِ الْبِئْرُ وَذَهَبَ مَا كَانَ فِيهَا مِنَ الْمَاءِ، فَمَا فَعَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مِنْ هَذَا، كَانَ مِنَ الْآيَاتِ الْمُكَذِّبَةِ لِمَنْ ظَهَرَتْ عَلَى يَدَيْهِ، لِأَنَّهَا وَقَعَتْ عَلَى خِلَافِ مَا أَرَادَهُ الْمُتَنَبِّئُ الْكَذَّابُ. وَالشَّرْطُ الْخَامِسُ مِنْ شُرُوطِ الْمُعْجِزَةِ أَلَّا يَأْتِيَ أَحَدٌ بِمِثْلِ مَا أَتَى بِهِ الْمُتَحَدَّى عَلَى وَجْهِ الْمُعَارَضَةِ، فَإِنْ تَمَّ الْأَمْرُ الْمُتَحَدَّى بِهِ الْمُسْتَشْهَدُ بِهِ عَلَى النُّبُوَّةِ عَلَى هَذَا الشَّرْطِ مَعَ الشُّرُوطِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَهِيَ مُعْجِزَةٌ دَالَّةٌ عَلَى نُبُوَّةِ مَنْ ظَهَرَتْ عَلَى يَدِهِ، فَإِنْ أَقَامَ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ يُعَارِضُهُ حَتَّى يَأْتِيَ بِمِثْلِ مَا أَتَى بِهِ وَيَعْمَلَ مِثْلَ مَا عَمِلَ بَطَلَ كَوْنِهِ نَبِيًّا، وَخَرَجَ عَنْ كَوْنِهِ مُعْجِزًا وَلَمْ يَدُلْ عَلَى صِدْقِهِ، وَلِهَذَا قَالَ الْمَوْلَى سُبْحَانَهُ:" فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِينَ" وَقَالَ:" أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَياتٍ". كَأَنَّهُ يَقُولُ: إِنِ ادَّعَيْتُمْ أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ مِنْ نَظْمِ مُحَمَّدٍ ﷺ وَعَمَلِهِ فَاعْمَلُوا عَشْرَ سُورٍ مِنْ جِنْسِ نَظْمِهِ، فَإِذَا عَجَزْتُمْ بِأَسْرِكُمْ عَنْ ذَلِكَ فَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ نَظْمِهِ وَلَا مِنْ عَمَلِهِ. لَا يقال، إن المعجزات الْمُقَيَّدَةَ بِالشُّرُوطِ الْخَمْسَةِ لَا تَظْهَرُ إِلَّا عَلَى أيدي الصادقين، وهذا المسيخ الدَّجَّالُ فِيمَا رَوَيْتُمْ عَنْ نَبِيِّكُمْ ﷺ يَظْهَرُ عَلَى يَدَيْهِ مِنَ الْآيَاتِ الْعِظَامِ، وَالْأُمُورِ الْجِسَامِ، مَا هُوَ مَعْرُوفٌ مَشْهُورٌ، فَإِنَّا نَقُولُ: ذَلِكَ يَدَّعِي الرِّسَالَةَ، وَهَذَا يَدَّعِي الرُّبُوبِيَّةَ وَبَيْنَهُمَا مِنَ الْفُرْقَانِ مَا بَيْنَ الْبُصَرَاءِ وَالْعُمْيَانِ، وَقَدْ قَامَ الدَّلِيلُ الْعَقْلِيُّ عَلَى أَنَّ بِعْثَةَ بَعْضِ الْخَلْقِ

1 / 71