Jamic Latif
الجامع اللطيف في فضل مكة وأهلها وبناء البيت الشريف
Noocyada
فأخبرهم بذلك فقالوا: إنا لله وإنا إليه راجعون. نخشى أن يكون صاحبك من أهل النار، اذهب إلى اليمن فإن بها بئرا اسمها برهوت يجتمع فيها أرواح المعذبين، وهى على فم جهنم فاطلع فيها إذا مضى ثلث الليل أو نصفه، وناد يا فلان بن فلان أنا صاحب الوديعة قال: فمضيت إلى تلك البئر فاذا أنا بشخصين قد جاءا فنزل فيها وهما يبكيان، فقال أحدهما للآخر. من أنت؟ قال: أنا روح رجل ظالم كنت أضمن المكوس وآكل الحرام، فرمانى ملك الموت إلى هذه البئر أعذب فيها، وقال الآخر: أنا روح عبد الملك بن مروان كنت عاصيا ظالما وأنا أعذب فى هذه البئر ثم سمعت لهما صراخا، فقامت كل شعرة فى بدنى من الفزع.
ثم تطلعت فى البئر وناديت يا فلان، فأجابنى من تحت العقوبة والضرب، فقلت:
ويحك يا أخى، ما الذى أنزلك ها هنا؟ وبأى ذنب جئت إلى منازل الأشقياء، وقد كنت صاحب خير؟ قال: بسبب أختى كانت صعلوكة، وهى بأرض العجم فاشتغلت عنها بالمجاورة بمكة والعبادة وما كنت أفتقدها بشىء ولا أسأل عنها، فلما مت حاسبنى الله عز وجل عنها، وقال: نسيتها، تعرى وأنت تكتسى، وتجوع وأنت شبعان مكتفى. وعزتى وجلالى: إنى لا أرحم قاطع الرحم، اذهبوا به إلى بئر برهوت. فأنا معذب مع قطاع الرحم فى هذه البئر، فعساك يا أخى تذهب إليها وتشرف على حالها وتطلب لى منها أن تجعلنى فى حل، فليس لى ذنب عند الله سوى هذا.
قال فقلت له: أين مالى الذى أودعته عندك؟ فقال: هو على حاله وإنى لم أثق عليه أولادى ولا غيرهم، فدفنته فى بيتى تحت العتبة فى الموضع الفلانى فاذهب إلى أولادى وقل لهم يدخلوك دارى، فاحفر فإنك ستجد مالك.
قال فمضيت إلى الموضع الذى قال لى عنه، فحفرته فوجدت ذهبى على حاله كما ربطته، فأخذته ومضيت إلى بلاد العجم، فسألت عن أخته، واجتمعت بها وحدثتها حديثه فبكت وجعلته فى حل ثم شكت إلى القلة والضرورة فوهبتها شيئا من الدنيا، وانصرفت راجعا إلى مكة شرفها الله تعالى، فلما كان نصف الليل جئت إلى زمزم، وناديت: يا فلان، فقال: لبيك، جزاك الله عنى خيرا.
Bogga 235