بمكة إلى الكعبة، فلما هاجر إلى المدينة أمره الله تعالى أن يصلى نحو صخرة بيت المقدس ليكون أقرب إلى تصديق اليهود إياه إذا صلى إلى قبلتهم بما يجدون من نعته فى التوراة، فصلى إليها ستة عشر شهرا أو سبعة عشر، وكان يحب أن يتوجه إلى الكعبة لأنها كانت قبلة إبراهيم.
وقال مجاهد: كان يحب ذلك من أجل أن اليهود كانوا يقولون: يخالفنا ويصلى إلى قبلتنا، فقال (صلى الله عليه وسلم) لجبريل: وددت لو حولنى الله إلى الكعبة، فقال له سل ربك. فجعل (صلى الله عليه وسلم) يديم النظر إلى السماء فأنزل الله تعالى: قد نرى تقلب وجهك في السماء (سورة البقرة: 144) الآيات. انتهى بنصه.
وما جزم به البغوى من أنه (صلى الله عليه وسلم) كان يصلى بمكة إلى الكعبة هو المعتمد وعليه أكثر المفسرين وأصحاب السير.
مطلب: المختار أنه (صلى الله عليه وسلم) لم يكن متعبدا بشرع من قبله بعد البعثة
واختلف العلماء هل كان ذلك باجتهاد أو بأمر من ربه؟ وهذا تفريع على الأصح من أنه (صلى الله عليه وسلم) لم يتعبد بشرع غيره بعد البعثة. ومن ذلك قوله تعالى فى سورة المائدة: ولا آمين البيت الحرام (سورة المائدة: 2) أى لا تحلوا من قصده من الحجاج والعمار، وإحلال هذه الأشياء أن يتهاون بحرمة الشعائر وأن يحال بينها وبين المتنسكين بها، قاله النسفى.
أقول: وتوجيهه أن المتنسكين إنما أرادوا تعظيم هذا البيت المشرف وجزيل الثواب، وفى الإحالة إبطال ذلك، والله الموفق.
وفى «تفسير الكواشى»: ولا آمين أى ولا قتال قاصدين البيت، فإن قيل: هذا عام فى المؤمنين والمشركين أم انتسخ الحكم فى حق المشركين؟ فالجواب أنه منسوخ بقوله تعالى: فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم (سورة التوبة: 5) وبقوله: فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا (سورة التوبة: 28) وهو المشهور.
Bogga 29