309

Jamic Bayan

جامع البيان في تفسير القرآن

ونحن له مسلمون

[البقرة: 133] صبغة الله، بمعنى: آمنا هذا الإيمان، فيكون الإيمان حينئذ هو صبغة الله. وبمثل الذي قلنا في تأويل الصبغة قال جماعة من أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: حدثنا بشر قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قوله: { صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة } إن اليهود تصبغ أبناءها يهود، والنصارى تصبغ أبناءها نصارى، وإن صبغة الله الإسلام، فلا صبغة أحسن من الإسلام ولا أطهر، وهو دين الله بعث به نوحا والأنبياء بعده. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال عطاء: { صبغة الله } صبغت اليهود أبناءهم خالفوا الفطرة. واختلفوا أهل التأويل في تأويل قوله { صبغة الله } فقال بعضهم: دين الله. ذكر من قال ذلك: حدثني الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة: { صبغة الله } قال: دين الله. حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن أبي جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية في قوله: { صبغة الله } قال: دين الله. { ومن أحسن من الله صبغة }: ومن أحسن من الله دينا. حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، مثله. حدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي، قال: ثنا أبو أحمد الزبيري، قال: ثنا سفيان، عن رجل، عن مجاهد، مثله. حدثني المثنى ، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا سفيان، عن مجاهد، مثله. حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا فصيل بن مرزوق، عن عطية قوله: { صبغة الله } قال: دين الله. حدثنا موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو بن حماد، قال: ثنا أسباط، عن السدي: { صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة } يقول: دين الله، ومن أحسن من الله دينا.

حدثني محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي عن أبيه، عن ابن عباس: { صبغة الله } قال: دين الله. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قول الله: { صبغة الله } قال: دين الله. حدثني ابن البرقي، قال: ثنا عمرو بن أبي سلمة، قال: سألت ابن زيد عن قول الله: { صبغة الله } فذكر مثله. وقال آخرون: { صبغة الله } فطرة الله. ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: { صبغة الله } قال: فطرة الله التي فطر الناس عليها. حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا محمد بن حرب، قال: ثنا ابن لهيعة، عن جعفر بن ربيعة، عن مجاهد: { ومن أحسن من الله صبغة } قال: الصبغة: الفطرة. حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا حجاج عن ابن جريج، عن مجاهد، قال: { صبغة الله } الإسلام، فطرة الله التي فطر الناس عليها. قال ابن جريج: قال لي عبد الله بن كثير { صبغة الله } قال: دين الله ومن أحسن من الله دينا. قال: هي فطر الله. ومن قال هذا القول، فوجه الصبغة إلى الفطرة، فمعناه: بل نتبع فطرة الله وملته التي خلق عليها خلقه، وذلك الدين القيم. من قول الله تعالى ذكره:

فاطر السموت والأرض

[الأنعام: 14] بمعنى خالق السموات والأرض. القول في تأويل قوله تعالى: { ونحن له عابدون }. وقوله تعالى ذكره: { ونحن له عابدون } أمر من الله تعالى ذكره نبيه صلى الله عليه وسلم أن يقوله لليهود والنصارى الذين قالوا له ولمن تبعه من أصحابه:

كونوا هودا أو نصارى

[البقرة: 135] فقال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: قل بل نتبع ملة إبراهيم حنيفا، صبغة الله، ونحن له عابدون. يعني ملة الخاضعين لله المستكينين له في اتباعنا ملة إبراهيم ودينونتنا له بذلك، غير مستكبرين في اتباع أمره والإقرار برسالته رسله، كما استكبرت اليهود والنصارى، فكفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم استكبارا وبغيا وحسدا.

[2.139]

يعني تعالى ذكره بقوله: { قل أتحاجوننا في الله } قل يا محمد لمعاشر اليهود والنصارى الذين قالوا لك ولأصحابك كونوا هودا أو نصارى تهتدوا، وزعموا أن دينهم خير من دينكم، وكتابهم خير من كتابكم لأنه كان قبل كتابكم، وزعموا أنهم من أجل ذلك أولى بالله منك: أتحاجوننا في الله، وهو ربنا وربكم، بيده الخيرات، وإليه الثواب والعقاب، والجزاء على الأعمال الحسنات منها والسيئات، فتزعمون أنكم بالله أولى منا من أجل أن نبيكم قبل نبينا، وكتابكم قبل كتابنا، وربكم وربنا واحد، وأن لكل فريق منا ما عمل واكتسب من صالح الأعمال وسيئها، ويجازي فيثاب أو يعاقب لا على الأنساب وقدم الدين والكتاب. ويعني بقوله: { قل أتحاجوننا } قل أتخاصموننا وتجادلوننا. كما: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: { قل أتحاجوننا في الله } قل أتخاصموننا. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: { قل أتحاجوننا } أتخاصموننا. حدثني محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: { أتحاجوننا } أتجادلوننا. فأما قوله: { ونحن له مخلصون } فإنه يعني: ونحن لله مخلصو العبادة والطاعة لا نشرك به شيئا، ولا نعبد غيره أحدا، كما عبد أهل الأوثان معه الأوثان، وأصحاب العجل معه العجل. وهذا من الله تعالى ذكره توبيخ لليهود واحتجاج لأهل الإيمان، بقوله تعالى ذكره للمؤمنين من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم: قولوا أيها المؤمنون لليهود والنصارى الذين قالوا لكم: «كونوا هودا أو نصارى تهتدوا». { أتحاجوننا في الله } يعني بقوله: { في الله } في دين الله الذي أمرنا أن ندينه به، وربنا وربكم واحد عدل لا يجوز، وإنما يجازي العباد على ما اكتسبوا. وتزعمون أنكم أولى بالله منا لقدم دينكم وكتابكم ونبيكم، ونحن مخلصون له العبادة لم نشرك به شيئا، وقد أشركتم في عبادتكم إياه، فعبد بعضكم العجل وبعضكم المسيح. فأنى تكونوا خيرا منا، وأولى بالله منا.

[2.140]

Bog aan la aqoon