194

Jamic Athar

جامع الآثار في السير ومولد المختار

Noocyada

بعثه الله تعالى رسولا، وسخر له ما كان يفعل من إحياء الموتى وخلق الطير وإبراء الأكمه والأبرص والأعمى، فكفر به قوم وتبعه قوم، وإنما كان عبد الله ورسوله، ابتلى به خلقه.

قال: وقالوا قبل ذلك: يا غلام، إن لك ربا، وإن لك معادا، وإن بين يديك جنة ونارا إليهما تصير، وإن هؤلاء القوم الذين يعبدون النيران أهل كفر وضلالة، لا يرضى الله بما يصنعون، وليسوا على دين.

فلما حضرت الساعة التي ينصرف فيها الغلام انصرف وانصرفت معه، ثم غدونا إليهم، فقالوا مثل ذلك وأحسن، ولزمتهم، فقالوا لي: إنك غلام، وإنك لا تستطيع أن تصنع كما نصنع، فصل ونم، وكل واشرب.

قال: فاطلع الملك على صنيع ابنه، فركب في الخيل حتى أتاهم في برطيلهم فقال: يا هؤلاء، قد جاورتموني فأحسنت جواركم، ولم تروا مني سوءا، فعمدتم إلى ابني فأفسدتموه علي، قد أجلتكم ثلاثا، فإن قدرت عليكم بعد ثلاث أحرقت عليكم برطيلكم هذا، فالحقوا ببلادكم فإني أكره أن يكون مني إليكم سوء.

قالوا: نعم، ما تعمدنا مساءتك، ولا أردنا إلا الخير.

وكف ابنه عن إتيانهم، فقلت له: اتق الله، فإنك تعرف أن هذا الدين دين الله، وأن أباك ونحن على غير دين، إنما هم عبدة النيران، لا يعبدون الله، فلا تبع آخرتك بدنيا غيرك.

قال: يا سلمان، هو كما تقول، وإنما أتخلف عن القوم بغيا عليهم، إن تبعت القوم طلبني أبي في الخيل وقد جزع من إتياني إياهم، حتى طردهم وقد أعرف أن الحق في أيديهم.

Bogga 254