فإن أجاز عليه الحركة والسكون؟ قيل له: فهل يجوز أن يكون متحركا ساكنا في حالة واحدة؟ فإن أجاز ذلك خرج من حكم الشاهد، ونقض عليه قوله، ويطالب بأن يخرج القديم من جميع حكم الشاهد.
فإن لم يجز ذلك عليه في حال، قيل له: فيما لم يزل أكان ساكنا أو متحركا، فأي ذلك ادعى فيه لزمه أن يكون قد تغير من صفة إلى صفة، واحتمل الأعراض، فطولب بما طولب به أهل الدهر.
فإن ثبت له لونا أو طعما أو رائحة قياسا على ما شاهد من الأجسام والألوان، فأي لون ذكر طولب بإثباته على ما ذكر، قياسا على الشاهد، ولا يبلغ هذا أحد إلا كفى خصمه مؤنته، والحمد لله على كل حال بالغدو والآصال.
1 - باب: في الرؤية
- وسأل فقال: ما الحجة على من قال: إنه يرى الله بالأبصار؟
قيل له: الحجة عليه من كتاب الله تعالى، منها قوله: {لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار}، فنفى عن نفسه درك الأبصار، وامتدح بذلك أن الأبصار لا تدركه، كما امتدح أنه لا تأخذه سنة ولا نوم، وامتدح بذلك كما امتدح أنه لا يظلم الناس شيئا، وأنه يطعم ولا يطعم، ومدائح الله لا تزول في الدنيا ولا في الآخرة، ولما وقع الإجماع أنه لا يطعم ولا تأخذه سنة ولا نوم، /22/ ولا يظلم الناس شيئا، فكذلك لا تدركه الأبصار في الدنيا ولا في الآخرة، كما لا يظلم ولا يطعم في الدنيا ولا في الآخرة.
والإجماع أن الله لا يرى في الدنيا، فهو لا يرى في الدنيا ولا في الآخرة بالأبصار، والمختلف فيه يرد إلى حكم المتفق عليه أن الله لا يرى في الدنيا ولا تدركه الأبصار، وكذلك في الآخرة.
Bogga 30