قيل له: أفتقولون: لا هو موجود ولا هو معدوم ولا مجهول ولا معلوم ولا مدروك ولا غير مدروك؟ فإن قالوا كذلك خرجوا من المعقول، فهذا ما يفسد قولهم.
وكذلك قول من يقول: لا يقال علم الله شيء، ولا يقال لا شيء، ولا قديم ولا محدث؟
يقال لهم: ما الفرق بينكم وبين من قال: لا يقال: علم الله شيء، ولا يقال: لا شيء؛ لأن في هذا إثباتا لشيء ونفيه فلا يجوز، ولو جاز أن يقال: علم الله شيء ولا لا شيء ولا قديم ولا محدث ولا مجهول ولا معلوم ولا موجود ولا معدوم، كان في هذا إثبات النفي، ونفي للإثبات، ومن وصف الله بهذا فقد وصفه بالنفي والإبطال.
ويقال لهم: ما الفرق بينكم وبين من قال: علم الله هو هو لا هو غيره؟
فإن قالوا: إذا قلنا: هو هو أثبتناه علما، وإذا قلنا: هو غيره أثبتنا عنده غيره، فاستحال الكلام.
قيل لهم: وهو الله إثبات غيره في قولكم، ولا غيره إثبات أنه هو، فهل من فرق؟ ولا يجدون إلى ذلك سبيلا.
فإن قال: أنتم قد قلتم: إن لله علما.
قيل: إنما أطلقنا ذلك، على ما أطلقه الله في كتابه، وأطلقه المسلمون في كلامهم، ورجعنا في قولنا: "لله علم" إلى أنه العالم ولم ننكر ذلك، إنما أنكرنا على من أثبت لله علما ثم ادعى فيه ما وصفنا.
والذي أطلقناه موجود في لغة العرب؛ حيث قالوا: وجه الأمر، وعين اليقين، ومثله في لغة العرب كثير.
وقال الله تبارك وتعالى: {كل شيء هالك إلا وجهه} ولم يرجعوا بذلك إلى معنى هو غيره، وإنما قالوا: كل شيء هالك إلا هو.
وكذلك إن قالوا: إذا قلنا: علم الله شيء كان في إثبات شيء إثبات شيئين قديمين، وإذا قلنا: لا شيء، كان /17/آنفا العلم؟
Bogga 23