129

Jamic

جامع أبي الحسن البسيوي جديد

Noocyada

فثبت أن الكفر والإيمان يسميان موتا وحياة. وقد /91/ قال الله تعالى: {أو من كان ميتا فأحييناه}، وقال الحسن: الميت: الضال، فثبت أن الضلال يسمى موتا، والإيمان يسمى حياة، وقد قال الله تعالى: {خلق الموت والحياة}. والكفر والإيمان من أفعال العباد الذي سماه موتا وحياة مخلوقين؛ لأن أفعالهم كسب، فصح أن قوله: {الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى}، وقال: {أتقن كل شيء}، وقال: {وخلق كل شيء}، وقال: {خلقكم وما تعملون}، فثبت أن كل شيء من فعل العباد، وغير ذلك من الخلق أن الله خلقه، وأحسن خلقه، وأتقن تدبيره، وجعله على ما هو عليه كما شاء وعلم، لا خلاف لما علم وأراد -تبارك وتعالى-.

فإن قال: هذا خاص للموت الذي يخرج به العبد من حد الحياة دون غيره.

قيل له: ما الفرق بينك وبين من قال: خلق السمع والبصر، إنما خلق بعض ما سمي سمعا وبصرا دون بعض.

فإن قال قائل: لا يجوز؛ لأن كل ما وقع عليه اسم سمع وبصر فهو مخلوق.

قيل له: وكل ما وقع عليه اسم الموت والحياة فهو مخلوق.

وقد قال الله تعالى: {يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها}.

ولو أن قائلا قال: يجوز، إنما يتوفى بعض الأنفس دون بعض ما كان حجتك عليه، وأنت تزعم أنه خلق الموت والحياة، إنما خلق بعض ما سمي موتا وحياة، وقد ثبت أن الموت والحياة مخلوقان، وهما داخلان في الآية، فمن ادعى خصوص ذلك لم يجز له إلا أن يأتي بآية من كتاب الله يخبر عن بعض ما سمى موتا وحياة دون بعض، وأن ذلك غير مخلوق.

Bogga 129