128

Jamic

جامع أبي الحسن البسيوي جديد

Noocyada

قيل له: ولو جاز ما اعتللت به، من خصوص ما ذكرت بغير حجة أنه لم يخلق الظلم والكفر، لجاز لمن يقول إنه لم يخلق الطاعة والإيمان؛ إذ كلاهما عرض من أفعال العباد، فلما لم يجز هذا جاز أن تكون الآية على عمومها أنه أحسن كل شيء خلقه، فخلقه عام لكل شيء خلق.

وليس إذ خلق كفر العباد وظلمهم وكذبهم فعلا لهم أن يكون ظالما ولا كاذبا؛ لأنه إنما خلقه فعلا لهم لا له، وكسبا لهم كسبوه، ألا ترى أن ذلك منهم بالإجماع والكتاب كسب: قوله: {ذوقوا ما كنتم تكسبون} و {ذوقوا ما كنتم تعملون} فجمعه، فالكسب لا يكون خلقا للمكتسب؛ لأن المكتسب إنما كسب خلق غيره.

ولولا أن الله جعل الكفر كفرا، والظلم ظلما بالنهي عنه، لم يكن كذلك في فعل العباد؛ لأن العباد قد جهدوا أن يجعلوا الشرك وعبادة الأصنام حسنا، فلم يكن ما أرادوه، وكان ظلما إذ جعله الله ظلما وكفرا، وأراده قبيحا مسخوطا، ونهى عنه وذم فاعله، وقد قال: {خلق الموت والحياة}، فكل ما وقع عليه اسم موت أو حياة فهو مخلوق بظاهر الآية.

ومن أفعال الخلق ما يسمى موتا وحياة، وقال الله تعالى: {ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا}، وقال: {وأحي الموتى بإذن الله}.

فمن أفعال العباد ما يسمى موتا وحياة قوله |تعالى| في الذي حاج إبراهيم في ربه، فقال: {أنا أحيي وأميت}، وقد قال تعالى: {يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي}؛ «الكافر من المؤمن، والمؤمن من الكافر»، وهي على ما قيل: قراءة الحسن.

Bogga 128