218

الذي كان له تأخير الغسل فيه فغلبه النوم حتى أصبح، ويحتمل أن يكون التأخير ما ذهبتم إليه من التأخير على العمد بقوله صلى الله عليه وسلم : (من أصبح جنبا أصبح مفطرا) هو عموم، وفيه تفسير الخبر الذي رويتموه من طريق عائشة، وقد أجمعنا نحن وإياكم على أن الناسي لا لوم عليه والنظر بيننا في العمد، فخبرنا عموم يقتضي العمد والنسيان، فلما أجمعنا على أن الناسي لا شيء عليه، وجب الوجه الأخير، وهو ما قلناه، وهو العمد الذي أراده النبي صلى الله عليه وسلم ونهى عنه، وهذا أحد قولين: (نسختين) وهو قول الشافعي إذ ليس عندكم أنه أخر جنابته تعمدا لتأخير الغسل حتى أصبح ففيما رويتموه (¬1) بيناه دليل على فساد معارضتكم وبالله التوفيق.

فإن قال قائل: إن المجامع يصير (¬2) جنبا في اللغة، فما أنكرتم أن يكون قوله عليه السلام: (من أصبح جنبا) أي مجامعا؟ قيل له: (هذا ليس) (¬3) بمشهور في اللغة، فإن كان جائزا فيها فهو لنا دونك، إذ الجنب يشتمل على اسمين، فنحن تعلقنا بالعموم، فمن ادعى التخصيص كان عليه إقامة الدليل، فإن قال: فإن الله تبارك وتعالى أباح الأكل والشرب والجماع إلى آخر الليل، فأوجب الغسل من الجماع فيجب أن يكون وقته بعد الليل، قيل له: إذا كان قد زجرنا عن تأخير الغسل على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله: (من أصبح جنبا أصبح مفطرا) علمنا أنه قد خص بعض هذه الجملة من هذا الوقت الذي كان أباحه لنا في حكم (¬4) ما حظره علينا من حكم النهار، إذ الغسل من أحكام الجماع الذي منعنا منه ومن قليله في النهار والله أعلم.

¬__________

(¬1) من (ج).

(¬2) في (ج) يسمى.

(¬3) في (ج) ليس هذا المشهور.

(¬4) في (ج) بطهارة.

Bogga 218