167

Jamic

جامع ابن بركة ج1

Noocyada

والحجة لهم على ذلك ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه (مسح بعض ناصيته) والناصية بعض الرأس وهو مقدمه، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه (مسح بعض رأسه)، ففي هذين الخبرين مع أصحاب الحديث ضعف، ولهم دليل آخر أن الماء المذكور يقع على الكل وعلى البعض في اللغة، وأن العرب تسمي البعض باسم الكل كنحو قوله عز وجل: { ?تدمر كل شيء بأمر ربها } (¬1) ولم يدمر الكل. وكذلك يسمى بعض الماء باسم الماء، ويسمى بعض النار باسم النار؛ ولأصحاب هذا الرأي أيضا أدلة غير هذا كثيرة، منها قول القائل: مسحت يدي بالمنديل، لا يريد الكل، وكذلك مسحت يدي بالأرض، معقول أنه لا يريد جميع الأرض؛ ومسحت رأس اليتيم بيدي، لا يريد كل الرأس، ونحو هذا والله أعلم، وهو الموفق للصواب.

? والحجة في وجوب غسل القدمين وأن الغسل أولى من المسح عليهما وإن كانا في التلاوة سواء؛ لأن بعض القراء قرأوا: ?"وأرجلكم" ?بالنصب، وبعض قرأوا: "وأرجلكم" بالخفض. فمن قرأ بالنصب فصل بين المسح والغسل بالإعراب، وكل ذلك أشبه بفعل النبي صلى الله عليه وسلم وبأمره لأمته، لأنه المنقول إلينا عنه فعل الغسل، وما نقل إلينا من قوله صلى الله عليه وسلم : (ويل للعراقيب من النار) (¬2) ، فهذا نهي يوافق ما أوجبت القراءة التي تذهب إليها، على أن الأغلب من القراء على ما يذهب إليه فنحن مع الأغلب منهم، وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بلزوم الجماعة، والدليل من ذلك الإجماع أنهم أجمعوا جميعا أن من غسل قدميه فقد (أدى) (¬3) الفرض الذي عليه.

¬__________

(¬1) الأحقاف: 52.

(¬2) رواه مسلم والنسائي وأبو داود.

(¬3) من (ج).

Bogga 167