198

Jala Caynayn

جلاء العينين في محاكمة الأحمدين

Daabacaha

مطبعة المدني

» «من يرد به الله خيرًا يفقهه في الدين» ولازم ذلك: أن من لم يفقه الله ﷿ في الدين لم يرد به خيرًا.
فيكون التفقه في الدين فرضًا، والتفقه في الدين: معرفة الأحكام الشرعية بأدلتها السمعية، فمن يعرف ذلك لم يكن متفقهًا في الدين، لكن من الناس من قد يعجز عنها فيلزمه ما يقدر عليه. ومن كان قادرًا على الاستدلال. فقيل يحرم عليه التقليد مطلقًا. وقيل: يجوز مطلقًا. وقيل: يجوز عند الحاجة، كما إذا ضاق عن الإستدلال، وهذا القول عدل الأقوال إن شاء الله تعالى.
والإجتهاد ليس هو أمر لا يقبل التجزؤ والأنقسام، بل يكون الرجل مجتهدًا في فن أو باب أو مسألة، دون فن وباب ومسألة، وكل فاجتهاده بحسب وسعه. فمن نظر في مسألة، قد تنازع العلماء فيها فرأى مع أحد القولين نصوصًا لم يعلم لها معارضًا بعد نظر مثله فهو بين الأمرين: إما أن يتبع قول القائل الأخير لمجرد كونه الإمام الذى أشتغل على مذهبه، ومثل هذا ليس بحجة، بل مجرد عادة تعارضها عادة غيره، وأشتغاله بمذهب إمام آخر. وإما أن يتبع القول الذى ترجح في نظرة بالنصوص الدالة عليه، فحينئذ موافقته لإمام يقاوم به ذلك الإمام، وتبقى النصوص النبوية سالمة في حقه عن المعارض بالعمل، فهذا هو الذى يصلح، وغنما تنزلنا هذا التنزيل لأنه قد يقال: إن نظر هذا قاصر، وليس أجتهاده تامًا في هذه المسألة لضعف آلة الاجتهاد في حقه، إما إذا قدر على الإجتهاد التام الذى يعتقد معه ان القول الآخر ليس معه ما يدفع النص، فهذا يجب عليه أتباع النصوص، وإن لم يفعل كان متبعًا للظن وما تهوى الأنفس، وكان من أكبر العصاة لله تعالى ورسوله. بخلاف من يكون القول الآخر حجة راجحة على هذا النص، ويقول أنا لا أعلمها، فهذا يقال له: قد قال الله تعالى: ﴿فأتقوا الله ما أستطعتم﴾

1 / 200