94

Jabir Ibn Hayyan

جابر بن حيان

Noocyada

بطيء الزوال، ويسمى هيئة. (3)

ذاتي فيما هو فيه.

فالتحديدات السالفة مقصود بها النوع الثالث، أي ما يكون ذاتيا في الشيء، وليس المقصود بها حال الشيء ولا هيئته.

وهنا يورد جابر عبارة أراها بالغة الأهمية في وصف الروح المنهجية عنده، وهي:

31 «الخاصية تابعة لعملها ... لأن الخواص لا تتفق في جوهرين مختلفين بوزن واحد، ولكنها إذا اتفقت في جوهرين أو جواهر عدة كان حدها مثل الجوهر الأول سواء في الكيفية وجميع الحدود؛ لأنه من الممتنع وجود جوهرين حدهما حدان مفردان يقال عليهما خاصية واحدة ... لأن المستحدين بحد واحد متفقان في الجوهرية والعرضية.» «الخاصية تابعة لعملها»: هذا هو بعينه المبدأ الذي تدور عليه الفلسفة البراجماتية المعاصرة كلها، وهو تعريف موجز لما يسمونه اليوم «بالتعريف الإجرائي»؛ ومعناه أنك إذا أردت أن تعرف كلمة ما، وجب أن ينحصر التعريف في مجموعة الأفعال التي يسلك بها الشيء المسمى بتلك الكلمة؛ فلا فائدة للعلوم إذا أنت عرفت كلمة بكلمات، وهذه بسواها؛ لأنك عندئذ ستدور في كلمات، ولا تجاوزها إلى حيث الطبيعة الواقعة؛ فأولا - إذا لم يكن للكلمة مدلولها الخارجي الذي يكون ذا عمل يؤدى، فالكلمة عندئذ تكون لغوا لا يدخل في مجال العلم، وثانيا - لو كان لهذه الكلمة مدلولها الخارجي، ثم أردنا تحديد معناها تحديدا لا يدع مجالا للاختلاف بين مختلف الباحثين، وجب أن يكون أساس التحديد هو السلوك المشاهد للشيء الذي أطلقت عليه تلك الكلمة، فإذا اتفقنا على أن ذلك السلوك هو: أ ب ج د، كانت أ ب ج د هي ما يحدد الكلمة المراد تحديدها؛ فإذا اختلف اثنان في معناها كان الفيصل بينهما هو ما يشاهدانه معا من الجانب الأدائي للشيء. ومعنى هذا كله هو أن «العمل» يأتي في المشاهدة أولا، وبعد ذلك يجيء علمنا بحقيقة الشيء الذي كان من شأنه أن يؤدي ذلك العمل - وثالثا - لو اختلفت عبارتان لفظيتان في مضمونهما، لكن «العمل» الذي تنطوي عليه إحداهما هو نفسه «العمل» الذي تنطوي عليه الأخرى، لوجب أن تكون العبارتان مترادفتين في المعنى مهما بدا في ظاهرهما من تباين؛ لأن العمل الواحد لا يصدر عن شيئين مختلفين جوهرا ، والعكس صحيح أيضا، وهو أنه محال علينا أن نصرف معنى واحدا إلى شيئين مختلفين في الجانب الأدائي؛ لأنه ما دام الأداء قد اختلف، فقد اختلفت خاصية الشيء المؤدي - وهذا كله متضمن في عبارة جابر بن حيان التي أسلفناها: (أ)

فالخاصية تابعة لعملها. (ب)

الخاصية الواحدة (أي العمل الواحد) لا يكون في شيئين مختلفين. (ج)

إذا اتفق شيئان في خاصية واحدة (أي في عمل واحد) كانا في الحقيقة شيئا واحدا من حيث جوهرهما. (د)

إذا كان لشيئين تعريفان مختلفان، فمحال أن يتحدا في فعل واحد. (ه)

إذا كان لشيئين تعريف واحد، كان الشيئان متفقين في الخصائص، أي فيما يحدثانه من أثر.

Bog aan la aqoon