من أصنامهم واعتذارهم بِهِ عَن الايمان شَيْء بَاطِل وَلَو كَانَ من قبيل خوف الْعُقَلَاء الْمُسْتَند إِلَى الامارات الصَّحِيحَة أَو الْأَدِلَّة الْوَاضِحَة لَكَانَ خوفهم من الله تَعَالَى أولى من كل وَجه صَحِيح
ولوضوح هَذَا جَاءَ فِيهِ بأدوات الاستنكار والاستبعاد مثل قَوْله ﴿وَكَيف أَخَاف مَا أشركتم﴾ وَقَوله ﴿فَأَي الْفَرِيقَيْنِ أَحَق بالأمن﴾ وَهَذِه الْمُعَارضَة وأمثالها تفِيد الْقطع بعناد الْخصم فتأملها فِي كتاب الله تَعَالَى وَهِي جَيِّدَة مفحمة نافعة وَلذَلِك سَمَّاهَا الله تَعَالَى حجَّة وَرفع بهَا خَلِيله ﵇ وَنَحْوهمَا قَوْله تَعَالَى ﴿وَإِن يرَوا سَبِيل الرشد لَا يتخذوه سَبِيلا وَإِن يرَوا سَبِيل الغي يتخذوه سَبِيلا﴾ وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى ﴿ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذا دعِي الله وَحده كَفرْتُمْ وَإِن يُشْرك بِهِ تؤمنوا فَالْحكم لله الْعلي الْكَبِير﴾ وَقَوله تَعَالَى ﴿أفبالباطل يُؤمنُونَ وبنعمة الله هم يكفرون﴾
وَقد يَقع من أهل الايمان شَيْء من ذَلِك فِي غير الْكفْر وَلذَلِك لم تقبل شَهَادَة الْمُؤمن الْعدْل لنَفسِهِ وَلَا على عدوه وَكَذَلِكَ حكى الله عَن الْكفَّار جحدهم فِي يَوْم الْقِيَامَة حَتَّى تشهد عَلَيْهِم جُلُودهمْ وَحَتَّى يَقُولُوا لَهَا لم شهدتم علينا وَذَلِكَ أَنهم رَأَوْا من عدل الله تَعَالَى وَحكمه بِالْبَيِّنَاتِ دون علمه مَا أطْعمهُم فِي نفع ذَلِك لَهُم والطبيعة وَاحِدَة إِلَّا مَا هدى الله وَأصْلح فاحذر من هَذِه الطبيعة أَن تتوهم كفرها وقساوتها وجفاوتها برهانا مُعَارضا لبراهين الْحق بل وَلَا شُبْهَة أبدا وَلذَلِك يَزُول شكها وريبها بمعانية الْأَهْوَال كمعاينة هول المطلع كَمَا حكى ابْن خلكان عَن ابْن سينا رَأس الفلاسفة أَنه لما عرف أَنه ميت أعتق مماليكة وَفعل من الْقرب الَّذِي أمكنه وَأَقْبل على التضرع إِلَى الله تَعَالَى وتلاوة كتاب الله واضمحلت عَنهُ تِلْكَ الوساوس
فَهَذِهِ هَذِه وَلذَلِك أَكثر الله تَعَالَى وَرُسُله من الْجمع بَين الْأَدِلَّة والوعيد وقصص الْمُعَذَّبين واعتمدها مُؤمن آل فِرْعَوْن فَأحْسن فِي دُعَاء قومه إِلَى
1 / 63