) الْآيَة وَجعل عدم الْإِيمَان بهَا أكفر الْكفْر فَقَالَ سُبْحَانَهُ ﴿قتل الْإِنْسَان مَا أكفره من أَي شَيْء خلقه من نُطْفَة خلقه فقدره ثمَّ السَّبِيل يسره ثمَّ أَمَاتَهُ فأقبره﴾ وَنبهَ بقوله سُبْحَانَهُ على أَن الْمَوْت دع عَنْك الْحَيَاة مِمَّا يسْتَدلّ بِهِ على الله تَعَالَى كَمَا أوضح ذَلِك فِي قَوْله ﴿فلولا إِذا بلغت الْحُلْقُوم وَأَنْتُم حِينَئِذٍ تنْظرُون﴾ إِلَى قَوْله ﴿فلولا إِن كُنْتُم غير مدينين ترجعونها إِن كُنْتُم صَادِقين﴾ وَذَلِكَ أَن الْحَيّ يَمُوت بِإِذن الله تَعَالَى مَعَ اجْتِمَاع أَسبَاب الْحَيَاة فِي هَذَا الْعَالم الْوَاسِع كَمَا يعِيش باذن الله فِي بطن أمه بِغَيْر نفس يجْرِي وَلَا هَوَاء يمد روحه فسبحان من هُوَ على كل شَيْء قدير وَمِنْه المبدأ وَإِلَيْهِ الْمصير وَقد اخْتَار الْمُؤمن هَذِه الْحجَّة فِي قَوْله لصَاحبه الْكَافِر المخاصم لَهُ ﴿أكفرت بِالَّذِي خلقك من تُرَاب ثمَّ من نُطْفَة ثمَّ سواك رجلا﴾ وَأثْنى الله تَعَالَى عَلَيْهِ بذلك وخلد ذكره فِي أفضل كتبه فَكيف لَا يختاره الْمُؤمن لتقوية يقينه وَدفع وساوس خصومه وشياطينه
وَأما دلَالَة الْآفَاق فَمَا يحدث ويتجدد فِي الْعَالم فِي طُلُوع القمرين وَالْكَوَاكِب وغروبها عِنْد دوران الافلاك الدائرات والسفن الْجَارِيَات والرياح الذاريات والنجوم الثوابت مِنْهَا والمعالم والرواجم وَالِاسْتِدْلَال بالرواجم جيد لدلالته الْوَاضِحَة على الْفَاعِل الْمُخْتَار كَمَا يدل على ذَلِك حَرَكَة القمرين الدائمة وَسَائِر النُّجُوم والافلاك وَكَذَلِكَ تغير أَحْوَال الْهَوَاء بالغيوم وَالصَّوَاعِق والبروق العجيبة المتتابعة المختلطة بالغيوم الثقال الحاملة للْمَاء الْكثير المطفئ بطبعه للنار المضادة لَهُ وَمَا فِي الْجمع بَينهَا وانشائها وانزال الأمطار مِنْهَا بالحكمة الْبَالِغَة لَا تختلط قَطْرَة بِأُخْرَى وَلَو اشتدت الرِّيَاح العواصف وصغرت الْقطر وَكَثُرت وتقاربت حَتَّى تقع مُتَفَرِّقَة غير ضارة وَلَو اجْتمعت لعظم ضررها ثمَّ نزُول الْبرد الْقوي الشَّديد المتحجر فِي أَوْقَات الخريف الَّذِي لَا يجمد فِيهِ المَاء مَعَ أَنه لَا يجمد فِي أَيَّام الْغَيْم سَوَاء كَانَت فِي الشتَاء أَو فِي غَيره لرطوبة الْغَيْم فَمن أَيْن جَاءَ الْبرد المتحجر وَالْمَاء
1 / 51