الفصل السادس: في أحكام النون الساكنة والتنوين
أكثر مسائل هذا الفصل إجماعية، وإنما ذكروه هنا لكثرة دور مسائله، والاختلاف في بعضها، وقيدوا النون بالسكون لتخرج المتحركة، وترك ذلك في التنوين؛ لأن وضعه السكون، وأكثرهم قسم أحكام الباب إلى أربعة: إظهار وإدغام وقلب، وإخفاء، قيل: والتحقيق أنها ثلاثة: إظهار وإدغام محض وغير محض وإخفاء مع قلب وبدونه ودليل الحصر استقرائي؛ لأن الحرف الواقع بعدهما إما أن يقرب من مخرجهما جدا أو لا، الأول: واجب الإدغام والثاني: إما أن يبعد جدا أو لا الأول: واجب الإظهار والثاني: واجب الإحفاء فالإخفاء حينئذ حال بين الإدغام والإظهار وقيل: بل خمسة والخلف لفظي.
الأول: الإظهار وهو عند حروف الحلق الستة وهي: الهمزة نحو: "وَيَنْأَوْنَ" فقط "مَنْ آمَنَ"، "عَادٍ إِذْ" والهاء "عَنْهُمْ"، "مِنْ هَادٍ"، "امْرُؤٌ هَلَكَ" والعين "أَنْعَمْتَ"، "مِنْ عِلْمٍ"، "حَقِيقٌ عَلَى" والحاء "وَانْحَرْ"، "مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ" والغين "فَسَيُنْغِضُونَ"، "مِنْ غِلّ"، "مَاءٍ غَيْرِ" الخاء "الْمُنْخَنِقَةُ"، "إِنْ خِفْتُمْ"، "يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ" فاتفق القراء على إظهار النون الساكنة والتنوين عند الستة لبعد المخرجين، إلا أن أبا جعفر قرأ بإخفائهما عند الأخيرين الغين والخاء المعجمتين كيف وقعا، لكن استثنى بعض أهل الأداء له "فَسَيُنْغِضُونَ" [الإسراء الآية: ٥١] "يَكُنْ غَنِيًّا" [النساء الآية: ١٣٥] "وَالْمُنْخَنِقَةُ" [المائدة الآية: ٣] فأظهر فيها كالجمهور وفي النشر الاستثناء أشهر وعدمه أقيس١.
الثاني: الإدغام في ستة أحرف أيضا وهي النون نحو: "عَنْ نَفْسٍ"، "مَلِكًا نُقَاتِلْ" والميم "مِنْ مَالٍ"، "سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ"، والواو "مِنْ وَالٍ"، "وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ" والياء "مَنْ يَقُولُ"، "فِئَةٌ يَنْصُرُونَهُ" واللام "فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا"، "هُدًى لِلْمُتَّقِينَ" والراء "مِنْ رَبِّهِمْ"، "ثَمَرَةٍ رِزْقًا" فاتفقوا على إدغامها في الستة مع إثبات الغنة مع النون، والميم وأما اللام، والراء،
_________
١ انظر الصفحة: "١/ ٢٢٣". [أ] .
1 / 46