Islam Sharikan
الإسلام شريكا: دراسات عن الإسلام والمسلمين
Noocyada
ويتحدث الماوردي والبغدادي وابن حزم عن ضياع هيبة الخلافة إذا كان الخليفة فاجرا في حياته وسلوكه أو بدر منه ما يدل على الإلحاد أو الخروج عن الشرع.
30
ولكن «أبو يعلى» يرى على العكس من ذلك أن هاتين الحالتين لا تمنعان الخليفة من الاستمرار في منصبه.
31
أما في الحالات التي يفقد فيها الخليفة حريته، فإن الماوردي وأبو يعلى يرجعان لوجهة النظر نفسها؛ فإذا وضع الخليفة تحت وصاية أحد «معاونيه» - أي أحد القواد أو الوزراء - دون أن يظهر هذا علانية، فإن الخلافة لا تضار من ذلك. وإذا تماشت أعمال «الوصي» مع تعاليم الدين ومقتضيات العدل، فعلى الخليفة أن يقر هذه الأعمال حتى لا يضار الشرع فتضار الجماعة. أما إذا لم يتيسر ذلك فيجب على الخليفة أن يلتمس العون والمساعدة للتخلص من «الوصي» عليه، بهذا يكون خضوع العباسيين للبويهيين قد تم تبريره، كما ينبه البويهيون في الوقت نفسه بوضوح إلى أن وصايتهم على الخلافة لا يمكن أن يعترف بها اعترافا غير مشروط، فالحبس المستمر في يد الأعداء يؤدي إلى فقد منصب الخلافة. ويستثنى من ذلك أن يكون هؤلاء الأعداء من المسلمين الثائرين الذين لم يعينوا عليهم خليفة بعد، فالأمر في هذه الحالة مشابه للحالة السابقة التي يكون فيها الخليفة «تحت الوصاية»، أي إن على الخليفة أن يقر بشرعية الأعمال التي يقوم بها قاهروه ولا تتعارض مع الدين.
32
واللافت للنظر حقا هو رأي الماوردي وأبو يعلى في أن من واجب الخليفة أن يقر بالإمارة للغاصب (أي مغتصب السلطة) الذي ينجح في السيطرة بالقوة على بلد ما، وذلك مرة أخرى للحفاظ على القانون والشرع، ولسبب آخر كذلك، وهو حفز الغاصب على إعلان الطاعة. وإذا تصادف أن كان الغاصب لا يصلح لتولي الإمارة، فينبغي أن يعين له معاون كفء يقوم بالممارسة الفعلية للسلطة. والغريب أن الماوردي وأبو يعلى لا يقولان لنا كيف يمكن الحد من سلطة الغاصب أو معاونه، فالواقع أن القاعدة السارية هنا هي أن «الضرورات تبيح المحظورات».
33
هكذا سار أهل السنة - في سبيل حماية الجهاز الإداري والنظام الشرعي والقانوني من أي اضطراب - على طريق يؤدي إلى التضحية بالشرعية الحقيقية للرئيس الأعلى للدولة، ثم استمر السير على هذا الطريق.
34
Bog aan la aqoon