Islam Sharikan
الإسلام شريكا: دراسات عن الإسلام والمسلمين
Noocyada
الذي كان يعيش في الطرف الآخر من العالم الإسلامي وعاصر بنفسه تفكك الدولة الأندلسية. وسوف نحاول في الصفحات التالية أن نستخلص من الكتب السابقة الموقف العام لأهل السنة في تلك الحقبة المهمة.
يلاحظ من المؤلفات السابقة الذكر أن أصحابها قطعوا أشواطا لا بأس بها في محاولة التوفيق بين المثل الأعلى للدولة الإسلامية وبين الواقع الفعلي. إنهم يحافظون من الناحية المبدئية على مبدأ انتخاب الخليفة. ولكنهم يعترفون للخليفة إلى جانب ذلك بحقه في تحديد خليفته، وهو ما يعد تبريرا للحكم الوراثي. ولما وجدوا أن هذا كله لا يكفي لتفسير الإجراءات السائدة في «صناعة الخلفاء»، فقد أمكنهم العثور على حلول أخرى؛ ففي موضوع الانتخاب كان الشك يحيط دائما بإمكان مشاركة الشعب فيه، ولذلك تم التغاضي عنها لأسباب عملية، وقصر حق الانتخاب على «أهل الحل والعقد» - وهو في الحقيقة تعبير غامض، قصد به علماء الدين بوجه عام، بل عدد محدود منهم. والغريب أن الماوردي يذهب إلى حد القول إن «شخصا واحدا» يكفي لانتخاب الخليفة.
26
أما ابن حزم فيرى أن يقتصر الحق في تحديد الخليفة على أقل عدد ممكن من الأشخاص.
27
وأخيرا يصر أبو يعلى على تدخل «أهل الحل والعقد» جميعا في هذا الأمر، ولكنه يخفف على الفور من إصراره عندما يقول إن انتخاب الخليفة وتعيينه بموجب التعاقد يمكن الاستغناء عنهما معا. صحيح أنه يطالب بحق «أهل الحل والعقد» في الموافقة على تعيين الخليفة، ولكنه يوجب عليهم ألا يتأخروا في إعلان هذه الموافقة.
28
وهكذا يبرر كلا الرأيين في النهاية أي شكل من أشكال تعيين الخليفة في منصبه، حتى ولو تم ذلك عن طريق القوة والقهر ... أما عن الشروط الواجب توافرها في الخليفة، فإن المؤلفين المذكورين يتمسكون بما قال به السابقون عن الخصائص والخصال المؤهلة لتولي الخلافة. ولكن «أبو يعلى» وحده يبدي استعداده للاستغناء عن جميع الشروط باستثناء شرط واحد هو ضرورة الانتماء لقريش - أما تفوق الخليفة وتميزه في العلم أو التقوى والورع أو حتى في السلوك في حياته سلوكا لا غبار عليه - فإن كل ذلك لا يبدو أمرا ضروريا عند «أبو يعلى».
29
ويرى العلماء الأربعة الذين وضعوا الكتب السابقة أن خلع الخليفة أمر ممكن. وهم متفقون على ذلك في الحالات التي يصاب فيها الخليفة بعيب جسدي أو مرض عقلي يجعله عاجزا عن أداء مهام منصبه. والواقع أن أقوالهم في ذلك لم تكن مجرد أقوال علمية أو نظرية خالصة؛ إذ طالما اعتدى المغتصبون للسلطة على بعض الخلفاء وسملوا أعينهم.
Bog aan la aqoon