أن رجلًا استأذن على النبي ﷺ، فقال: "ائذنوا له فبئس رجل العشيرة" الحديث (١).
قال الخطيب: ففي قول النبي ﷺ، للرجل: بئس رجل العشيرة. دليل على أن أخبار المخبر بما يكون في الرجل من العيب على ما يوجب العلم والدين، من النصيحة للسائل، ليس بغيبة، إذ لو كان ذلك غيبة لما أطلقه النبي ﷺ، وإنما أراد ﵇ بما ذكر فيه - والله أعلم أن بئس للناس الحالة المذمومة منه، وهي الفحش فيجتنبوها، لا أنه أراد الطعن والثلب له (١).
قال: ومما يؤيد ذلك حديث فاطمة بنت قيس حيث قال لها الرسول ﷺ: أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له، انكحي أسامة بن زيد.
ففي هذا الخبر دلالة على أن إجازة الجرح للضعفاء من جهة النصيحة لتجتنب الرواية عنهم، وليعدل عن الاحتجاج بأخبارهم، لأن رسول الله ﷺ لما ذكر في أبي جهم أنه لا يضع عصاه عن عاتقه، وأخبر عن معاوية أنه صعلوك لا مال له عند مشورة استشير فيها لا يتعدى المستشير، كان ذكر العيوب الكامنة في بعض نقلة السنن التي يؤدي السكوت عن إظهارها عنهم وكشفها عليهم إلى تحريم الحلال وتحليل الحرام، إلى الفساد في شريعة الإِسلام أولى بالجواز وأحق بالإِظهار (١).
وقد تكلم من بعده ﷺ من الصحابة في الرجال، عبد الله بن عباس وعبادة بن الصامت وأنس بن مالك.