Irshad al-Fuhul

Al-Shawkani d. 1250 AH
74

Irshad al-Fuhul

إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول

Baare

الشيخ أحمد عزو عناية، دمشق - كفر بطنا

Daabacaha

دار الكتاب العربي

Lambarka Daabacaadda

الطبعة الأولى ١٤١٩هـ

Sanadka Daabacaadda

١٩٩٩م

وَأَيْضًا قَدْ لَا يُعْرَفُ النَّقْلُ فَيَحْمِلُ السَّامِعُ مَا سَمِعَهُ مِنَ اللَّفْظِ عَلَى الْمَعْنَى الْأَصْلِيِّ، فَيَقَعُ الْغَلَطُ. وَأَيْضًا: الْمُشْتَرَكُ أَكْثَرُ وَجُودًا مِنَ الْمَنْقُولِ. وَهَذِهِ الْوُجُوهُ تُرَجِّحُ الِاشْتِرَاكَ عَلَى النَّقْلِ، وَهِيَ أَقْوَى مِمَّا اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ رَجَّحَ النَّقْلَ، وَأَمَّا التَّعَارُضُ بَيْنَ الْمُشْتَرَكِ وَالْمَجَازِ: فَقَدْ تَقَدَّمَ١ تَحْقِيقُهُ فِي صَدْرِ هَذَا الْبَحْثِ. وَأَمَّا التَّعَارُضُ بَيْنَ الِاشْتِرَاكِ وَالْإِضْمَارِ، فَقِيلَ: إِنَّ الْإِضْمَارَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْإِجْمَالَ الْحَاصِلَ بِسَبَبِ الْإِضْمَارِ مُخْتَصٌّ بِبَعْضِ الصُّوَرِ، وَالْإِجْمَالُ الْحَاصِلُ بِسَبَبِ الِاشْتِرَاكِ عَامٌ فِي كُلِّ الصُّوَرِ، فَكَانَ إِخْلَالُهُ بِالْفَهْمِ أَكْثَرَ مِنْ إِخْلَالِ الْإِضْمَارِ بِهِ. وَقِيلَ: إِنَّ الِاشْتِرَاكَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْإِضْمَارَ مُحْتَاجٌ إِلَى ثَلَاثِ قَرَائِنَ، قَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى أَصْلِ الْإِضْمَارِ، وَقَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى مَوْضِعِ الْإِضْمَارِ، وَقَرِينَةٍ تَدُلُّ عَلَى نَفْسِ الْمُضْمَرِ، وَالْمُشْتَرَكُ يَفْتَقِرُ إِلَى قَرِينَتَيْنِ كَمَا سَبَقَ، فَكَانَ الْإِضْمَارُ أَكْثَرَ إِخْلَالًا بِالْفَهْمِ. وَأُجِيبَ: بِأَنَّ الْإِضْمَارَ وَإِنِ افْتَقَرَ إِلَى تِلْكَ الْقَرَائِنِ الثَّلَاثِ، فَذَلِكَ فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ، بِخِلَافِ الْمُشْتَرَكِ، فَإِنَّهُ يَفْتَقِرُ إِلَى الْقَرِينَتَيْنِ فِي صُوَرٍ مُتَعَدِّدَةٍ، فَكَانَ أَكْثَرَ إِخْلَالًا بِالْفَهْمِ، عَلَى أَنَّ الْإِضْمَارَ مِنْ بَابِ الْإِيجَازِ، وَهُوَ مِنْ مُحَسِّنَاتِ الْكَلَامِ. وَأَمَّا التَّعَارُضُ بَيْنَ الِاشْتِرَاكِ وَالتَّخْصِيصِ فَقِيلَ: التَّخْصِيصُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ التَّخْصِيصَ أَوْلَى مِنَ الْمَجَازِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ٢ أَنَّ الْمَجَازَ أَوْلَى مِنَ الِاشْتِرَاكِ. وَأَمَّا التَّعَارُضُ بَيْنَ النَّقْلِ وَالْمَجَازِ، فَقِيلَ الْمَجَازُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ النَّقْلَ يَحْتَاجُ إِلَى اتِّفَاقِ أَهْلِ اللِّسَانِ عَلَى تَغْيِيرِ الْوَضْعِ، وَذَلِكَ مُتَعَذِّرٌ أَوْ مُتَعَسِّرٌ، وَالْمَجَازُ يَحْتَاجُ إِلَى قَرِينَةٍ مَانِعَةٍ عَنْ فَهْمِ الْحَقِيقَةِ وَذَلِكَ مُتَيَسِّرٌ. وَأَيْضًا الْمَجَازُ أَكْثَرُ مِنَ النَّقْلِ وَالْحَمْلُ عَلَى الْأَكْثَرِ مُقَدَّمٌ، وَأَيْضًا فِي الْمَجَازِ مَا قَدَّمْنَا٣ مِنَ الْفَوَائِدِ وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فِي الْمَنْقُولِ. وَأَمَّا التَّعَارُضُ بَيْنَ النَّقْلِ وَالتَّخْصِيصِ، فَقِيلَ: التَّخْصِيصُ أَوْلَى لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ التَّخْصِيصَ مُقَدَّمٌ عَلَى الْمَجَازِ، وَالْمَجَازُ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّقْلِ. وَأَمَّا التَّعَارُضُ بَيْنَ الْمَجَازِ وَالْإِضْمَارِ، فَقِيلَ هُمَا سَوَاءٌ، وَقِيلَ الْمَجَازُ أَوْلَى؛ لِأَنَّ الْإِضْمَارَ يَحْتَاجُ إِلَى ثَلَاثِ قَرَائِنَ كَمَا تَقَدَّمَ.

١ انظر صفحة "٧٦". ٢ انظر صفحة: "٧٦". ٣ انظر صفحة: "٧٦".

1 / 78