Irshad al-Fuhul
إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول
Baare
الشيخ أحمد عزو عناية، دمشق - كفر بطنا
Daabacaha
دار الكتاب العربي
Lambarka Daabacaadda
الطبعة الأولى ١٤١٩هـ
Sanadka Daabacaadda
١٩٩٩م
وَالْمُشْتَرَكُ يَكْفِي فِيهِ الْوَضْعُ الشَّخْصِيُّ، وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى النَّوْعِيِّ لِعَدَمِ احْتِيَاجِهِ إِلَى الْعَلَاقَةِ.
وَمِنْهَا: أَنَّ الْمَجَازَ مُخَالِفٌ لِلظَّاهِرِ، فَإِنَّ الظَّاهِرَ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ، لَا الْمَجَازِيُّ، بِخِلَافِ الْمُشْتَرَكِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ ظَاهِرًا فِي بَعْضِ، مَعَانِيهِ دُونَ بَعْضٍ، حَتَّى يَلْزَمَ بِإِرَادَةِ أَحَدِهَا مُخَالَفَةُ الظَّاهِرِ.
وَمِنْهَا: أَنَّ الْمَجَازَ قَدْ يُؤَدِّي إِلَى الْغَلَطِ عِنْدَ عَدَمِ الْقَرِينَةِ، فَيُحْمَلُ عَلَى الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ، بِخِلَافِ الْمُشْتَرَكِ، فإن معانيه كلها حقيقية.
وَقَدْ أُجِيبَ عَنْ هَذِهِ الْفَوَائِدِ وَالْمَفَاسِدِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ. وَالْحَقُّ أَنَّ الْحَمْلَ عَلَى الْمَجَازِ أَوْلَى مِنَ الْحَمْلِ عَلَى الِاشْتِرَاكِ لِغَلَبَةِ الْمَجَازِ بِلَا خِلَافٍ، وَالْحَمْلُ عَلَى الْأَعَمِّ الْأَغْلَبِ دُونَ الْقَلِيلِ النَّادِرِ مُتَعَيِّنٌ.
وَاعْلَمْ أَنَّ التَّعَارُضَ الْحَاصِلَ بَيْنَ أَحْوَالِ الْأَلْفَاظِ لَا يَخْتَصُّ بِالتَّعَارُضِ بَيْنَ الْمُشْتَرَكِ وَالْمَجَازِ، فَإِنَّ الْخَلَلَ فِي فَهْمِ مُرَادِ الْمُتَكَلِّمِ يَكُونُ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: احْتِمَالُ الِاشْتِرَاكِ.
وَثَانِيهَا: احْتِمَالُ النَّقْلِ بِالْعُرْفِ أَوِ الشَّرْعِ.
وَثَالِثُهَا: احْتِمَالُ الْمَجَازِ.
وَرَابِعُهَا: احْتِمَالُ الْإِضْمَارِ.
وَخَامِسُهَا: احْتِمَالُ التَّخْصِيصِ.
وَوَجْهُ كَوْنِ هَذِهِ الْوُجُوهِ تُؤَثِّرُ خَلَلًا فِي فَهْمِ مُرَادِ الْمُتَكَلِّمِ: أَنَّهُ إِذَا انْتَفَى احْتِمَالُ الِاشْتِرَاكِ وَالنَّقْلِ، كَانَ اللَّفْظُ مَوْضُوعًا لِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَإِذَا انْتَفَى احْتِمَالُ الْمَجَازِ وَالْإِضْمَارِ كَانَ الْمُرَادُ مِنَ اللَّفْظِ مَا وُضِعَ لَهُ، وَإِذَا انْتَفَى احْتِمَالُ التَّخْصِيصِ كَانَ الْمُرَادُ بِاللَّفْظِ جَمِيعَ مَا وُضِعَ لَهُ، فَلَا يَبْقَى عِنْدَ ذَلِكَ خَلَلٌ فِي الْفَهْمِ.
وَالتَّعَارُضُ بَيْنَ هذه يقع في عَشَرَةِ وُجُوهٍ؛ لِأَنَّهُ يَقَعُ بَيْنَ الِاشْتِرَاكِ وَبَيْنَ الْأَرْبَعَةِ الْبَاقِيَةِ، ثُمَّ بَيْنَ النَّقْلِ وَبَيْنَ الثَّلَاثَةِ الْبَاقِيَةِ، ثُمَّ بَيْنَ الْمَجَازِ وَالْوَجْهَيْنِ الْبَاقِيَيْنِ، ثُمَّ بَيْنَ الْإِضْمَارِ وَالتَّخْصِيصِ.
فَإِذَا وَقَعَ التَّعَارُضُ بَيْنَ الِاشْتِرَاكِ وَالنَّقْلِ، فَقِيلَ: إِنَّ النَّقْلَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ اللَّفْظُ عِنْدَ النَّقْلِ لِحَقِيقَةٍ وَاحِدَةٍ مُفْرَدَةٍ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ، وَالْمُشْتَرَكُ مُشْتَرَكٌ فِي الْأَوْقَاتِ كُلِّهَا.
وَقِيلَ: الِاشْتِرَاكُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَقْتَضِي "نسخ"*وَضْعٍ سَابِقٍ، وَالنَّقْلُ يَقْتَضِيهِ.
وَأَيْضًا: لَمْ يُنْكِرْ وُقُوعَ الْمُشْتَرَكِ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ أَحَدٌ مِنْ أهل العلم، وأنكر النقل كثير منهم.
*في "أ": فسخ.
1 / 77