318

Intisar

الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197

Noocyada

Fiqiga

والحجة على ذلك: هو أنه حيوان نجس في حال حياته، فلم يطهر جلده بالدباغ كالخنزير، أو نقول: حيوان يغسل الإناء من ولوغه، فأشبه الخنزير، ولأنه ينجس الماء بولوغه فيه، فكيف نجعل جلده مطهرة يتوضأ فيها؟ هذه مناقضة، وقد مضى الكلام على أهل الدباغ فلا نعيده.

مسألة: نهى رسول الله عن استعمال الآنية الذهبية والفضية في الوضوء والأكل والشرب وغير ذلك من الاستعمالات، واعتمد هذا الخبر أئمة العترة، وهو قول الفرق الثلاث: الحنفية، والشافعية، والمالكية.

والحجة على ذلك: ما روى حذيفة، قال سمعت رسول الله يقول: (( لا تلبسوا الحرير ولا الديباج، ولا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافها فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة))(¬1). فنص على هذه الاستعمالات، ثم قسنا عليها ما عداها من سائر وجوه الاستعمالات.

وحكي عن داود: أنه لا يحرم إلا الشرب فيها، وهو إنما قال بهذه المقالة لإنكاره الأقيسة المعنوية المخيلة منها والشبهية، وعول على ظواهر الأحاديث وجمد عليها من غير تعرض لمعانيها الرائقة وأسرارها المفيدة الفائقة، ومنكرو القياس جهال لمحاسن الشريعة، عتاة عن(¬2) التطلع إلى دقائقها وأسرارها، قد جمدوا على ظواهر فما أحرزوها ولا وصلوا إلى غايتها، ولا رعوها حق رعايتها.

وقد حكي عن ابن سريج أنه ناظره يوما وقال له: أنت لا تقول إلا بالظواهر.

فقال: نعم.

فقال: ما تقول في قوله تعالى: {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره}[الزلزلة:7،8]. فما تقول فيمن يعمل مثقال ذرتين؟

فقال له: الذرتان ذرة وذرة، فقد اندرج تحت الظاهر.

فقال له ابن سريج: فما تقول فيمن يعمل مثقال ذرة ونصف؟

فتبلد ولم يجب بحلوة ولا مرة، والذي أوقعه في ذلك هو إنكاره للقياس و[عدم] الاطلاع على دقائقه، والاحتواء على مكنون أسراره.

Bogga 324