317

Intisar

الأنتصار على علماء الأمصار - المجلد الأول حتى 197

Noocyada

Fiqiga

الانتصار: قالوا: الآية دالة على طهارته.

قلنا: هذا فاسد، فإن قوله تعالى: {إلا ما ذكيتم}[المائدة:3]. ورد عقيب ذكر الحيوانات التي يحل أكلها، وعرض الموت من غير ذكاة، فظاهر الآية دال على تحريمها إذا ماتت من أجل تلك الأسباب، الخنق والوقذ(¬1) والنطح والتردي، فهذا يكون حراما إلا ما أدرك بالذكاة الشرعية فلا حجة لكم فيه.

قالوا: الذكاة أقوى من الدباغ، من جهة أنها تفيد الطهارة في الجلد، ثم إن الجلد قد طهر بالدباغ فتكون طهارته بالذكاة أحق وأولى.

قلنا: هذا فاسد لأمرين:

أما أولا: فلأنا لا نقول بطهارة الجلد بالدبغ فلا يلزمنا ذلك وقد مر بيانه فأغنى عن الإعادة.

وأما ثانيا: فهب أنا سلمنا طهارته بالدباغ كما هو على رأي الشافعي، فله أن يقول: بل طهارة الدباغ أقوى؛ لأنه يزيل نجاسة حالة، والذكاة تدفع نجاسة غير حالة، فالتأثير في الموجود بدفعه أقوى من التأثير في دفع مالم يكن موجودا، وأيضا فإن الدباغ أوسع مجالا وتصرفا لعمومه، من جهة أنه لا يختلف حاله في كونه مطهرا باختلاف حال من يدبغه، فلهذا لم يختلف حاله فيما يؤكل وما لا يؤكل، بخلاف الذكاة فإنها تختلف حالها باختلاف حال المذكي من كفر وإسلام، فلا جرم اختلف حالها بالإضافة إلى ما يؤكل وما لا يؤكل.

قالوا: ما طهر جلده بالدباغ طهر بالذكاة كالشاة.

قلنا: هذا لا يلزمنا وإنما يلزم الشافعي، وله أن يجيب بأن الشاة صادفت الذكاة محلها فأثرت في طهارة الجلد كالذبح في المذبح، وفي هذا لم تصادف الذكاة محلها فلم تكن مؤثرة في طهارته كالذبح في غير المذبح فافترقا، ولأن ذبح الشاة يفيد المقصود وهو حل الأكل؛ فلهذا كان مفيدا للطهارة، وهذا الذبح لا يفيد المقصود فلا جرم لم يكن مفيدا للطهارة كذبح المجوسي.

فأما جلد الكلب فهل يطهر بالدبغ أم لا؟ فالذي ذهب إليه علماء العترة: أنه لا يطهر كسائر الجلود . وقد قدمنا الكلام عليه وهو رأي الشافعي، وذهب أبوحنيفة إلى طهارته بالدبغ.

Bogga 322