فقلنا: إن من زعمَ أنه وكبار طائفته أعلمُ من الرُّسل بالحقائق وأحسنُ بيانًا لها= فهذا زنديقٌ منافقٌ إذا أظهَر الإيمانَ بهم باتفاق المؤمنين بهم. وسيجيء الكلامُ معه.
وإن قال: إن الرُّسل كانوا أعظمَ علمًا وبيانًا، لكن هذه الحقائق لا يمكنُ علمُها، أو لا يمكنُ بيانُها مطلقًا، أو يمكنُ الأمرين (^١) للخاصَّة= قلنا: فحينئذٍ لا يمكنُكم أنتم ما عَجَزت عنه الرُّسلُ من العلم والبيان.
إن قلتم: لا يمكنُ علمُها= قلنا: فأنتم وأكابركم لا يمكنُكم علمُها بطريق الأولى.
وإن قلتم: لا يمكنُهم بيانُها= قلنا: فأنتم وأكابركم لا يمكنُكم بيانها.
وإن قلتم: يمكنُ ذلك للخاصَّة دون العامة= قلنا: فيمكنُ ذلك للخاصَّة من الرُّسل دون عامَّتهم (^٢).
فإن ادَّعوا أنه لم يكن في خاصَّة أصحاب الرُّسل من يمكنُهم فَهْمُ ذلك= جَعَلوا السَّابقين الأوَّلين دون المتأخِّرين في العلم والإيمان، وهذا من مقالات الزنادقة؛ لأنه جعل بعض الأمم الأوائل من اليونان والهند ونحوهم أكمل عقلًا وتحقيقًا للأمور الإلهية والمَعَادِيَّة (^٣) من هذه الأمة، فهذا مِن