56

سأل الأول: «ألا يوجد كهف بالقرب من هنا؟» ثم أردف: «لنبحث عنه!»

رد الثاني: «هراء!» ثم أضاف: «أستطيع القول لك إنهما ما كانا ليصلا إلى هذه المسافة في هذه المدة.»

قال الأول بإصرار: «ولم لا تفترض أنهما هربا عندما تسلم الحارس مناوبته في منتصف الليل؟»

قال الثاني: «لأن باولو شوهد يعبر الساحة في منتصف الليل، ولم تكن أمامهما فرصة أخرى للهرب إلا قبيل طلوع النهار.»

بدا أن هذه الإجابة أقنعت رفيقه، وتوقفت عملية البحث عندما كان الإيقاع بالهاربين وشيكا. كان هروبا صعبا، وبدا اللص شاحب الوجه رغم جسارته المعتادة، أما باولو فكان على شفا الانهيار.

وفي الليالي والأيام التالية كاد قاطع الطريق ودليله يقعان في أيدي رجال الأمير عدة مرات. بدأت وطأة البؤس بفعل عوامل الطبيعة، والحرمان، والإيشاك على الموت جوعا، والأسوأ من ذلك، تناوب الأمل والخوف، تشتد على قلب قاطع الطريق المقدام. وقد زاد من هذا البؤس سقوط مطر الشتاء البارد في بعض الأيام والليالي. ولم يجرؤا على البحث عن مأوى آخر؛ فكل مكان يصلح للسكنى كان يخضع للمراقبة.

عندما طلع عليهما نور الصباح بعد انقضاء آخر ليالي تسللهما عبر الوادي، كانا قد وصلا إلى نقطة لا تفصلها عن الشلال إلا مسافة قصيرة، وتناهى إلى سمعهما ترقرق مياهه في هدوء.

قال توزا: «لا تقلق حيال نور النهار، لنواصل التقدم حتى النفق.»

قال باولو متذمرا: «لا يمكنني المواصلة، أنا منهك.»

صاح توزا: «دعك من ذلك، لقد اقتربنا.»

Bog aan la aqoon