إهداء‏

طلاق على الجبل‏

من القاتل؟‏

انفجار الديناميت‏

خطأ في الإرسال‏

انتقام بعد الموت‏

على ممر ستيلفيو‏

الساعة والرجل‏ «والانضباط في اللعب»‏

قصة بروملي جيبرتس‏

ليس وفقا للقواعد‏

Bog aan la aqoon

شمشون العصر الحديث‏

اتفاق على التغيير‏

التحول‏

شبح الأوراق النقدية‏

البديل‏

الخروج من تون‏

لحظة درامية‏

شرفتان في فلورنسا‏

فضح أمر اللورد ستانسفورد‏

التطهير‏

Bog aan la aqoon

إهداء‏

طلاق على الجبل‏

من القاتل؟‏

انفجار الديناميت‏

خطأ في الإرسال‏

انتقام بعد الموت‏

على ممر ستيلفيو‏

الساعة والرجل‏ «والانضباط في اللعب»‏

قصة بروملي جيبرتس‏

ليس وفقا للقواعد‏

Bog aan la aqoon

شمشون العصر الحديث‏

اتفاق على التغيير‏

التحول‏

شبح الأوراق النقدية‏

البديل‏

الخروج من تون‏

لحظة درامية‏

شرفتان في فلورنسا‏

فضح أمر اللورد ستانسفورد‏

التطهير‏

Bog aan la aqoon

انتقام!

انتقام!

تأليف

روبرت بار

ترجمة

نبيل العدلي

مراجعة

مصطفى محمد فؤاد

إهداء

إلى دكتور جيمس سامسون.

Bog aan la aqoon

طلاق على الجبل

في بعض الطبائع البشرية، تختفي درجات الألوان؛ فلا تتبقى إلا الألوان الأولية الخام. لقد كان جون بودمان دائما عند أحد طرفي النقيض. ولم يكن ذلك على الأرجح ليعني الكثير لو لم يتزوج من امرأة ذات طابع مطابق لطبعه تماما.

لا شك أن في هذا العالم زوجة مناسبة تماما لكل رجل، وزوجا مناسبا تماما لكل امرأة؛ لكن المرء لا يتسنى له الاختلاط إلا مع بضع مئات من البشر، ولا يعرف منهم عن قرب إلا دزينة أو أقل، ولا يصادق في الأغلب إلا واحدا أو اثنين ممن يعرفهم عن قرب، ولو أخذنا في الحسبان أيضا أن في هذا العالم ملايين من البشر، لبات من اليسير أن ندرك أن أغلب الظن أنه منذ خلقت هذه الأرض لم يجتمع الرجل المناسب بالمرأة المناسبة له قط. الاحتمالات الرياضية لحدوث لقاء كهذا ضئيلة، وإلا لما وجدت محاكم الطلاق. الزواج - في أفضل الأحوال - يقوم على التنازل من جانب الطرفين، وإذا جمع الزواج بين شخصين ليس من طبعهما التنازل، جاءت المتاعب تحث الخطى.

في حياة هذين الزوجين الشابين لم يكن هناك مجال للتنازل. وكانت النتيجة الحتمية إما الحب أو الكره، وفي حالة السيد بودمان وقرينته كانت النتيجة كرها من النوع المرير والمتغطرس جدا.

في بعض أرجاء العالم، يعد عدم توافق الطابع بين الزوجين مبررا كافيا لاستصدار الحكم بالطلاق، لكن إنجلترا لا تعتد بهذا المبرر الدقيق؛ لذا يرتبط الزوجان برابطة لا يكسرها - بخلاف الموت - إلا ارتكاب الزوجة لجريمة، أو ارتكاب الزوج لجريمة وتعامله معها بقسوة. لا يمكن أن يوجد ما هو أسوأ من هذا الوضع، وما فاقم الأمر بشدة أن حياة السيدة بودمان لم يكن فيها ما يؤخذ عليها، كما لم يكن زوجها أسوأ حالا، بل كان أفضل حالا، من أغلب الرجال. لكن ربما انطبق عليهما هذا الوصف إلى حد كبير، قبل أن ينتفي عنهما في مرحلة ما؛ فقد وصل جون بودمان إلى حالة عقلية قرر فيها التخلص من زوجته مهما كلفه الأمر. لو كان فقيرا لكان الأرجح أنه سيهجرها، لكنه كان ثريا، وليست تعاسة الحياة الزوجية سببا كافيا لدفع الرجل إلى التخلي بإرادته عن تجارة رائجة.

عندما يفرط عقل الرجل في التفكير في موضوع واحد بعينه، لا يمكن لأحد أن يتخيل المدى الذي قد يذهب إليه. العقل أداة هشة، وحتى القانون يقر بسهولة فقدانه للاتزان. يزعم أصدقاء بودمان - إذ كان له أصدقاء - أن عقله لم يكن متزنا؛ بيد أن أحدا لم يشكك في حقيقة ما حدث، لا أصدقاؤه ولا أعداؤه، وباتت تلك الواقعة أبرز أحداث حياته، وأكثرها شؤما.

لن يعرف أبدا إن كان جون بودمان في كامل قواه العقلية أم مسه الجنون عندما عقد العزم على قتل زوجته، بيد أن الوسيلة التي ابتكرها لجعل الأمر يبدو كحادث كانت تنم عن مكر لا مراء فيه. لكن المكر غالبا ما يكون صفة في عقل غاب عنه صوابه.

كانت السيدة بودمان تعرف كيف أن وجودها يزعج زوجها بشدة، إلا أنها كانت - مثله - عنيدة، وكان كرهها له أشد مرارة من كرهه لها، هذا إن كان لمرارة الكره درجات. لقد كانت تصاحبه أينما ذهب، وربما لو لم تفرض عليه وجودها طوال الوقت وفي كل المناسبات، لما خطرت له قط فكرة قتلها. لذا عندما أخبرها باعتزامه قضاء شهر يوليو في سويسرا، لم تقل شيئا، وأخذت تعد العدة للرحلة. وفي هذه المناسبة لم يبد هو اعتراضا، بخلاف عادته، وهكذا انطلق الزوجان الصامتان إلى سويسرا.

يوجد بالقرب من قمم الجبال فندق يقوم على رف صخري يعلو أحد الأنهار الجليدية الكبرى. يبلغ ارتفاع الفندق عن سطح البحر ميلا ونصف الميل، ويوجد بمفرده في ذلك المكان، ويجري الوصول إليه من خلال طريق مرهق ومتعرج يمتد عبر الجبل لمسافة ستة أميال. تطل شرفات الفندق على منظر رائع للقمم المكسوة بالجليد والأنهار الجليدية، وتحيط بالفندق عدة مسارات جميلة تؤدي إلى وجهات تتباين درجة خطورتها.

كان جون بودمان يعرف الفندق جيدا، وكان قد تعرف جيدا على محيطه في أيام أسعد من هذه الأيام. والآن، عندما خطرت له فكرة القتل، ظلت بقعة محددة تبعد عن هذا الفندق بميلين تلح على عقله. كانت بقعة تطل على كل شيء، ويحيط بها سور منخفض متداع. وذات صباح استيقظ في الساعة الرابعة وانسل من الفندق من دون أن يلاحظه أحد؛ قاصدا تلك البقعة التي يعرفها أهل المنطقة باسم هانجنج أوتلوك. أرشدته ذاكرته إلى المكان الصحيح. وخاطب نفسه بأن هذا هو المكان المقصود بالضبط. كان الجبل ينحدر من ورائها انحدارا مخيفا. ولم يكن بالجوار أي سكان يشرفون على المكان. وكان نتوء صخري يحجب الفندق البعيد عن تلك البقعة. وكانت الجبال التي تحف الوادي من الناحية الأخرى أبعد من أن تسمح لأي سائح عابر أو ساكن مقيم برؤية ما كان يجري في هذه البقعة. وبدت البلدة الوحيدة الموجودة بعيدا في الأسفل في الوادي كمجموعة من لعب الأطفال التي على شكل منازل.

Bog aan la aqoon

كانت نظرة واحدة من فوق السور المتداعي صعبة بوجه عام حتى على أكثر الزوار تمالكا لأعصابه. لقد كان المطل من فوق السور لا يرى إلا هوة تنحدر إلى الأسفل لمسافة تتجاوز الميل، وكان القاع يتكون من صخور حادة وأشجار قصيرة بدت من بعيد - ومن وراء الغمام الأزرق - كشجيرات.

خاطب نفسه قائلا: «هذا هو المكان المناسب، وصباح الغد هو الموعد المناسب.»

خطط جون بودمان لجريمته ببرود وثبات وإصرار كتخطيطه لأي صفقة كان قد أبرمها في البورصة يوما. ولم تأخذه بضحيته الغافلة عما خطط لها أي رحمة. وقد حمله كرهه لها إلى مدى بعيد.

وفي صباح اليوم التالي، قال لزوجته بعد أن تناولا الإفطار: «سأتمشى وسط الجبال. أتودين مرافقتي؟»

أجابت باقتضاب: «نعم.»

قال: «حسنا، إذن، سأكون جاهزا للانطلاق في الساعة التاسعة.»

كررت كلامه قائلة: «سأكون جاهزة للانطلاق في الساعة التاسعة.»

وعند الوقت المحدد، خرجا من الفندق معا، وكانت خطته أن يعود إليه وحده بعد وقت قصير. لم يتحدث أحدهما إلى الآخر بكلمة واحدة في طريقهما إلى هانجنج أوتلوك. كان الطريق الذي يحيط بالجبال مستويا تقريبا؛ إذ لم يتجاوز ارتفاع بقعة هانجنج أوتلوك عن سطح البحر ارتفاع الفندق عنه بفارق كبير.

لم يكن جون بودمان قد وضع خطة محددة لما سيفعله عندما يصلان إلى المكان المقصود. قرر أن يدع ذلك للظروف. ومن حين إلى آخر كان يراوده هاجس مخيف بأنها قد تتمسك به وربما تأخذه معها إلى الهاوية. ووجد نفسه يتساءل ما إذا كانت تراودها هي أي هواجس عن المصير الذي ينتظرها، وكان أحد أسباب التزامه الصمت خشيته أن تظهر ارتعاشة في صوته فيثير هذا ريبتها. اعتزم أن يكون تصرفه حادا ومفاجئا بحيث لا تتمكن من إنقاذ نفسها ولا من سحبه معها. لم يساوره قلق من صراخها في هذه البقعة النائية. لم يكن لأحد أن يصل إلى تلك البقعة إلا من الفندق، ولم يغادر الفندق أحد هذا الصباح، ولم يخرج أحد حتى لمشاهدة النهر الجليدي، رغم أنها إحدى أكثر النزهات سهولة وجاذبية من هذا المكان.

ومن الغريب أنه عندما أصبحت هانجنج أوتلوك على مرأى منهما، توقفت السيدة بودمان وارتعدت. نظر إليها السيد بودمان بجانب عينيه، وتساءل مجددا عما إذا كان الشك قد تسرب إليها. لا يمكن لأحد أن يفقه الرسائل اللاشعورية المتبادلة بين عقلي شخصين يتمشيان معا.

Bog aan la aqoon

سألها بغلظة: «ما الخطب؟» ثم أردف: «هل تشعرين بالتعب ؟»

ردت وهي تلهث، منادية إياه باسمه الأول لأول مرة منذ سنوات: «جون، ألا تعتقد أن الأمور كانت ستختلف لو كنت أكثر لطفا معي منذ البداية؟»

رد دون أن ينظر إليها: «يبدو لي أن أوان مناقشة ذلك قد فات.»

قالت مرتعشة: «أنا نادمة على الكثير من الأشياء.» ثم أردفت: «ألديك أنت ما تندم عليه؟»

رد: «كلا.»

قالت زوجته وقد عادت إلى صوتها القسوة المعتادة: «رائع للغاية.» ثم أضافت: «كنت أحاول فقط أن أمنحك فرصة. تذكر ذلك.»

نظر إليها بارتياب.

وقال: «ماذا تعنين بمنحي فرصة؟ لا أريد منك فرصة ولا أي شيء آخر. الرجل لا يقبل شيئا ممن يكره. أعتقد أن مشاعري تجاهك لا تخفى عليك. نحن عالقان معا، وقد فعلت كل ما في وسعك لجعل الرابطة التي تجمعنا لا تطاق.»

ردت وعيناها تنظران إلى الأرض: «نعم، نحن عالقان معا ... عالقان معا!»

كررت هذه الكلمات همسا وهما يخطوان الخطوات القليلة المتبقية قبل أن يصلا إلى المكان المراد. وجلس بودمان على السور المتداعي. في حين تركت هي عصا التسلق الخاصة بها على الصخر، وظلت تسير بعصبية ذهابا وإيابا وتقبض يديها وتبسطها. نظم زوجها أنفاسه بينما اقتربت اللحظة الرهيبة.

Bog aan la aqoon

خاطبها صائحا: «لماذا تمشين هكذا كحيوان بري؟» ثم أردف: «تعالي واجلسي بجواري واهدئي.»

رمقته بنظرة لم يرها من قبل في عينيها؛ نظرة تنم عن جنون وكره.

وقالت له: «أنا أمشي كحيوان بري لأني حيوان بري بالفعل. تحدثت منذ قليل عن كرهك لي، لكنك رجل، وكراهيتك لا تضارع كراهيتي. رغم سوء حالك وشدة رغبتك في كسر الرابطة التي تجمعنا، ثمة أشياء أعرف أنك لا تزال تربأ عنها. أعرف أن فكرة القتل لم تخالجك، لكنها خالجتني. سأريك يا جون بودمان إلى أي حد أكرهك.»

قبض الرجل على الحجر الذي كان بجواره متوترا، وجفل على نحو ينم عن شعوره بالذنب عندما ذكرت القتل.

مضت تقول: «نعم، لقد أخبرت كل أصدقائي في إنجلترا أنني أعتقد أنك تنوي قتلي في سويسرا.»

صاح: «يا إلهي!» ثم أضاف: «كيف أمكنك قول شيء كهذا؟» «أقول لك ذلك لأريك إلى أي حد أكرهك، وما أنا على استعداد لفعله في سبيل الانتقام منك. لقد أبلغت القائمين على الفندق بمخاوفي، وعندما غادرنا تبعنا اثنان منهم. حاول صاحب الفندق إثنائي عن مرافقتك. ولن يلبث الرجلان أن يصلا إلى حيث يمكنهما رؤية بقعة أوتلوك هذه بعد لحظات قليلة. أخبرهما، إن اعتقدت أنهما سيصدقانك، أن الأمر كان مجرد حادث.»

طفقت المرأة المجنونة تمزق من مقدمة فستانها بعض الشرائط التزيينية وتبعثرها في المكان. وهب بودمان واقفا على قدميه وهو يصيح: «ماذا تفعلين؟» وقبل أن يتحرك نحوها تسلقت الجدار وتدلت منه ثم قفزت إلى الهاوية مطلقة صيحة حادة.

وبعد لحظة ظهر رجلان بسرعة من جانب الصخر، فوجدا السيد بودمان واقفا وحده. ورغم ارتباكه أدرك أنه حتى لو قال الحقيقة ما كان سيصدقه أحد.

من القاتل؟

لم تكن السيدة جون فوردر تتوقع أي شر. عندما سمعت ساعة الردهة تدق معلنة تمام التاسعة، كانت تغني بابتهاج وهي تتجول في أنحاء المنزل لتقوم بواجباتها الصباحية، ولم تتخيل أن الساعة التي دخلت للتو ستكون أكثر ساعات حياتها شؤما، وأن كارثة مزلزلة ستصيبها قبل أن تدق الساعة مرة أخرى. كان زوجها الشاب يعمل في الحديقة كعادته كل صباح قبل أن يتوجه إلى مكتبه. توقعت أن يكون مستعدا للانطلاق إلى وسط المدينة في أي لحظة. سمعت قرقعة فتح البوابة الأمامية، وبعدها مباشرة سمعت بعض الكلمات الغاضبة. وساورها القلق، وهمت بتفقد ما يجري عبر الستائر المفتوحة للنافذة الناتئة الموجودة في مقدمة المنزل، عندما سمعت صوت إطلاق نار حادا من مسدس، فهرعت نحو الباب وقد انقبض قلبها بشدة. ولما فتحت الباب، رأت شيئين؛ أولا: زوجها ملقى على وجهه على العشب دون حراك، وقد انثنت ذراعه اليمنى تحته؛ وثانيا: رجلا يحاول فتح قفل البوابة الأمامية باضطراب شديد، ويحمل في يده مسدسا لم يزل الدخان ينبعث منه.

Bog aan la aqoon

كثيرا ما تغير أبسط الأمور مسار حياة البشر. كان القاتل قد أحكم غلق البوابة الأمامية خشية من أي تطفل محتمل. وكان ارتفاع السور يحجب رؤية المارة للحديقة، غير أن هذا الارتفاع الذي صعب أي تطفل جعل أيضا هروب الرجل مستحيلا. لو كان قد ترك البوابة مفتوحة لكان من الممكن أن يهرب دون أن يراه أحد، لكن ما جرى فعلا هو أن الصرخات التي أطلقتها السيدة فوردر أثارت أهل الحي، فاحتشدوا قبل أن يتمكن القاتل من الهرب، وكان في وسط المحتشدين شرطي، فتعذر الهرب. كانت رصاصة واحدة فقط قد أطلقت، لكن ضيق المساحة جعلها تخترق جسد الضحية. لم يلق جون فوردر حتفه، لكنه كان ملقى على العشب مغشيا عليه. حمل إلى داخل المنزل، واستدعي طبيب الأسرة. واستدعى الطبيب متخصصا آخر ليعاونه، وتشاورا معا في الأمر. هدأ الرجلان قليلا من روع الزوجة الذاهلة. لقد كان تطور الحالة غير مؤكد وكان ثمة أمل في التعافي الكامل، لكنه كان أملا ضعيفا.

وفي الوقت ذاته كان القاتل قيد الاحتجاز، وتعلق مصيره على نحو كبير بمصير ضحيته. إذا مات فوردر، فسيرفض إطلاق سراحه بكفالة؛ أما إذا ظهرت عليه بوادر تعاف، فسيحظى مهاجمه بحرية مؤقتة على الأقل. لم يكن أحد في المدينة كلها - باستثناء الزوجة - يتمنى تعافي فوردر أكثر من الرجل الذي أطلق النار عليه.

كان وراء الجريمة تناحر سياسي بائس؛ مجرد صراع على المناصب. كان يرى القاتل، والتر رادنور، أن له الحق في المطالبة بأحد المناصب، وعزا إخفاقه في مسعاه، سواء أكان هذا صحيحا أم لا، إلى دسائس جون فوردر الخفية. وعندما غادر منزله ذلك الصباح لم تكن نيته دون شك قتل خصمه، لكنهما ما إن التقيا حتى تشابكا في معركة كلامية، وكان المسدس جاهزا في جيب بنطاله الخلفي.

كان رادنور يحظى بدعم سياسي قوي؛ لذا لم يتخيل أن يهجر تماما هكذا بعد ذيوع الخبر في المدينة بأنه أسقط ضحيته على أرض الحديقة. لم تكن الحياة مصونة عندما حدثت تلك الواقعة بقدر ما صارت بعدها، وكان الكثير من الرجال الذين يمشون في الطرقات في حرية تامة قد سبق لهم إطلاق النار على ضحاياهم. إلا أن هذه الواقعة انتهكت القواعد المتعارف عليها في الاغتيال. لقد أطلق رادنور النار على رجل أعزل في حديقة منزله الأمامية وعلى مرأى من زوجته تقريبا. ولم يمنح ضحيته فرصة للنجاة. لو كان فوردر يحمل في أي من جيوبه مسدسا ولو كان فارغا من الطلقات، لما بدا وضع رادنور بهذا السوء؛ لأنه في هذه الحالة كان من الممكن أن يدفع أصدقاؤه بأنه أطلق النار دفاعا عن النفس، كما كانوا بلا شك سيدعون أن الرجل المحتضر أبرز سلاحه أولا. لذا أدرك رادنور وهو في سجن المدينة أن تقارير حزبه السياسي هي أيضا لم تكن في صالحه، وأن أهل المدينة كانوا مذعورين مما اعتبروه جريمة ارتكبت بدم بارد.

مع مرور الوقت بدأ بصيص من الأمل يلوح من جديد لرادنور وأصدقائه القليلين. لم يزل فوردر بين الحياة والموت. وبات من المؤكد في نظر الجميع أنه سيموت متأثرا بإصابته، لكن القانون كان يشترط أن يموت الرجل بعد مهاجمته بوقت محدد ليحاكم مهاجمه بتهمة القتل. وشارفت المدة التي حددها القانون على الانقضاء ولم يمت فوردر بعد. كما خدم الوقت رادنور بطريقة أخرى. لقد هدأ السخط الشديد الذي أثارته الجريمة. وقد وقعت أحداث فظيعة أخرى استحوذت على الاهتمام الذي كان منصبا على مأساة فوردر، فمنح ذلك أصدقاء رادنور المزيد من التشجيع.

مرضت السيدة فوردر زوجها بعناية فائقة، وحداها الأمل في تعافيه. كان قد مر أقل من عام على زواجهما، ولم يزد مرور الوقت كلا منهما إلا حبا للآخر. أصبح حبها لزوجها الآن شبيها بالهوس، وخشي الأطباء إخبارها بأن الحالة ميئوس منها تماما؛ فقد توقعوا انهيارها عصبيا وجسديا إذا علمت بالحقيقة. كان كرهها للرجل الذي سبب كل هذا البؤس عميقا وشديدا للغاية، حتى إنها عندما تحدثت ذات مرة مع أخيها، المحامي البارز في المنطقة، رأى في عينيها نظرة الجنون، وتخوف من الأمر بشدة. أصر الأطباء، خوفا من اعتلال صحتها، على أن تمارس المشي كل يوم لبعض الوقت، لكنها رفضت الخروج من البوابة، وظلت تتمشى وحدها ذهابا وإيابا في ممر طويل في الحديقة المهجورة. وذات يوم سمعت من وراء السور محادثة أفزعتها.

سمعت صوتا يقول: «هذا هو المنزل الذي يسكنه فوردر، الذي أطلق والتر رادنور النار عليه. حدثت الجريمة وراء هذا السور مباشرة.»

سأل صوت آخر: «حقا؟» ثم أردف: «أعتقد أن قلق رادنور سيكون بالغا هذا الأسبوع.»

رد الأول: «بالتأكيد، لا شك أن القلق يؤرقه منذ البداية.»

قال الثاني: «هذا صحيح. لكن إذا انقضى هذا الأسبوع وفوردر على قيد الحياة، فسيفلت رادنور من حبل المشنقة. أما إذا مات فوردر هذا الأسبوع، فسيتعقد الأمر بالنسبة إلى قاتله؛ لأن هذه القضية سينظر فيها القاضي برنت في هذه الحالة، وهو معروف في جميع أنحاء الولاية بإصدار أحكام الإعدام. وهو لا يتهاون مع الجرائم المرتكبة بدوافع سياسية، ولا شك أنه سيحكم على رادنور بالإعدام، وأنه سيقنع المحلفين بذلك. أقول لك إن الرجل المحتجز سيكون أسعد من في هذه المدينة صباح الأحد القادم إذا ظل فوردر حيا، وأعتقد أن أصدقاءه مستعدون لدفع الكفالة، وأنه سيطلق سراحه في وقت مبكر من صباح الإثنين.»

Bog aan la aqoon

مضى الشخصان الخفيان في سبيلهما بعد أن أشبعا فضولهما بتفقد المنزل، وتركا السيدة فوردر واقفة مكانها تحدق في الفراغ، ويداها مقبوضتان بشدة من فرط التوتر.

وبعد أن تمالكت نفسها أسرعت إلى المنزل وأرسلت رسولا يستدعي أخاها. ولما وصل وجدها تذرع الغرفة جيئة وذهابا.

قال أخوها: «كيف حال جون اليوم؟»

أجابته: «لم يزل كما هو، لم يزل كما هو.» ثم أضافت: «يبدو لي أنه يضعف كلما مر الوقت. ولم يعد باستطاعته التعرف علي.»

سألها: «وما رأي الطبيبين؟»

ردت: «أوه، كيف لي أن أخبرك؟ أعتقد أنهما يخفيان الحقيقة عني، لكن عندما يأتيان في المرة القادمة سأصر على معرفة رأيهما. لكن أخبرني: هل سيفلت قاتل جون من العقاب حقا إذا مر هذا الأسبوع وهو لم يزل على قيد الحياة؟»

سألها: «ماذا تعنين بإفلاته من العقاب؟»

قالت: «وفقا لقانون الولاية، إذا عاش زوجي حتى نهاية هذا الأسبوع، فلن يحاكم الرجل الذي أطلق النار عليه بتهمة القتل، أليس كذلك؟»

رد المحامي: «لن يحاكم بتهمة القتل، لكنه قد لا يحاكم بتهمة القتل حتى لو مات جون الآن. لا شك أن أصدقاءه سيحاولون إظهار القضية كقضية قتل غير متعمد، أو سيحاولون إنقاذه منها بحجة الدفاع عن النفس. ومع ذلك لا أعتقد أن فرصة نجاحهم في ذلك كبيرة؛ خاصة أن قضيته سينظر فيها القاضي برنت، لكن إذا ظل جون على قيد الحياة بعد الساعة الثانية عشرة يوم السبت القادم، فقانون الولاية يقضي بأن رادنور لا يمكن أن يحاكم بتهمة القتل العمد في هذه الحالة. وعندئذ ستكون أقصى عقوبة قد يحكم عليه بها هي عقوبة السجن لعدد من السنوات في أحد سجون الولاية، ولكن لن يضره ذلك كثيرا. إن وراءه دعما سياسيا قويا، وإذا فاز حزبه بانتخابات الولاية القادمة - وهو ما يبدو مرجحا - فلا شك أن الحاكم سيعفو عنه وسيطلق سراحه قبل انقضاء العام.»

قالت الزوجة بانفعال: «هل من الممكن أن يحدث عوار بهذه الفداحة في تطبيق أحكام العدالة في ولاية تدعي التحضر؟»

Bog aan la aqoon

هز المحامي كتفيه. وقال: «لا أعول كثيرا على تحضرنا.» ثم أضاف: «هذه الأشياء تحدث كل عام، بل عدة مرات في العام.»

أخذت الزوجة تذرع الغرفة مجددا، في حين حاول أخوها أن يهدئ من روعها.

صاحت: «إنه لأمر فظيع ... إنه لأمر مخز أن ترتكب جريمة بشعة كهذه ثم لا يعاقب الفاعل!»

قال المحامي: «أختي العزيزة، لا تتركي الثأر يسيطر على عقلك هكذا. وتذكري أنه مهما حدث للمجرم الذي سبب كل هذا البؤس، فلن يمكن أن يجلب ذلك لزوجك نفعا ولا ضررا.»

التفتت إلى أخيها فجأة وصاحت: «الثأر! أقسم بالله إني سأقتل هذا الرجل بيدي إذا أفلت من العقاب!»

أمسكت حكمة المحامي لسانه عن قول أي شيء آخر لأخته وهي في حالتها المزاجية الراهنة، وبعد أن فعل ما كان بوسعه للتهدئة من روعها، انصرف.

وعندما أتى صباح يوم السبت، واجهت السيدة فوردر الطبيبين.

قالت: «أريد أن أعرف بالتحديد إن كانت هناك فرصة ولو ضئيلة لتعافي زوجي أم إن الفرصة معدومة. إن الترقب يقتلني ببطء، ويجب أن أعرف الحقيقة، ويجب أن أعرفها الآن.»

نظر كل من الطبيبين إلى الآخر. ثم قال أكبرهما: «أعتقد أنه لم يعد هناك جدوى من تركك في هذا الترقب. ليس هناك أي أمل في تعافي زوجك. ربما يعيش لأسبوع أو لشهر، أو قد يموت في أي لحظة.»

قالت السيدة فوردر بهدوء أذهل الرجلين اللذين كانا يعرفان مدى انفعالها الشديد خلال الفترة الماضية: «شكرا لكما أيها السيدان.» ثم أضافت: «أشكركما. أعتقد أنه كان من الأفضل أن أعرف.»

Bog aan la aqoon

جلست طوال فترة ما بعد الظهيرة بجوار سرير زوجها الغائب عن الوعي الذي يتنفس بصعوبة بالغة. كانت معركته الطويلة مع الموت قد غيرت بشدة ملامح وجهه. استأذنت الممرضة لمغادرة الغرفة لدقائق قليلة، فوافقت في صمت الزوجة التي كانت تنتظر هذا الطلب. وعندما انصرفت الممرضة، قبلت السيدة فوردر زوجها والدموع تسيل من عينيها.

همست: «جون، أنت تعرف الوضع، وستتفهم الأمر.» ثم ضمت وجه زوجها إلى صدرها، وعندما عاد رأسه إلى الوسادة، كان قد اختنق.

استدعت السيدة فوردر الممرضة وأرسلت في طلب الطبيبين اللذين كانا يتوقعان ما حدث. •••

نزل خبر موت فوردر على الرجل القابع في سجن المدينة كالصاعقة. وأدرك كل من كانوا في قاعة المحكمة أن الرجل هالك لا محالة فور أن فرغ القاضي برنت من مواجهة القاتل بتهمته الشنيعة. ولم يلبث المحلفون أكثر من عشر دقائق في المداولة، وأسهم إعدام والتر رادنور أكثر من أي حدث آخر وقع في الولاية في جعل الحياة في هذا الكومونولث أكثر أمنا من ذي قبل.

انفجار الديناميت

جلس دوبريه إلى إحدى الطاولات المستديرة في مقهى فيرنون، وأمامه كأس من مشروب الأفسنتين الذي كان يرتشف منه بين الفينة والأخرى. ونظر إلى الجادة من الباب المفتوح فرأى شرطيا يرتدي زيه الرسمي ويمشي ذهابا وإيابا بانتظام كالبندول. انطلقت منه ضحكة خفيفة لمرأى ذلك المظهر من مظاهر القانون والنظام. كان هذا المقهى مشمولا بحماية الحكومة. وكان دوبريه ينتمي إلى فئة من الأشخاص أقسمت على إخفاء هذا المقهى من الوجود؛ لذا كان الشرطي الذي يشبه الضباط العسكريين يذهب ويئوب على الرصيف لمنع حدوث هذا، بحيث يرى كل المواطنين الشرفاء أن الحكومة تحمي رعاياها. من وقت لآخر كان بعض الأشخاص يعتقلون لإطالة تسكعهم حول المقهى؛ كان هؤلاء أبرياء بالطبع، وكانت الحكومة لا تلبث أن تدرك ذلك فتطلق سراحهم. من النادر أن يتصرف أي مجرم حقيقي على نحو يلفت النظر. وكان معظم المعتقلين ممن جذبهم الفضول إلى المكان. وكان يقول أحدهم للآخر: «هناك ألقي القبض على هيرتسوج الشهير.»

المجرم الحقيقي يدلف إلى المقهى في هدوء، ويطلب مشروب الأفسنتين، كما فعل دوبريه. ويظل الشرطي يمشي ذهابا وإيابا يراقب الأبرياء. وهكذا يكون الحال.

كان في المقهى القليل من الزبائن؛ إذ كان الناس يخشون انتقام أصدقاء هيرتسوج. وتوقعوا أن يفجر المقهى في أحد الأيام العادية، ففضلوا أن يحتسوا القهوة أو الكونياك الخاص بهم في مكان آخر عندما يأتي اليوم المنتظر. وكان من الواضح أن إم سون، مالك المقهى، قد جلب على نفسه وعمله المتاعب عندما أدلى للشرطة بمعلومات حول مكان هيرتسوج، رغم أن المقهى أصبح أشهر مقاهي المدينة فجأة، وأنه بات الآن يتمتع بحماية الحكومة.

قلما نظر دوبريه إلى مالك المقهى الجالس إلى مكتبه، وهكذا الحال بالنسبة إلى النادل الذي ساعد في إخضاع هيرتسوج منذ أسبوع. وبدا أكثر اهتماما بمراقبة الشرطي الذي ظل يذرع المكان أمام الباب، ومع ذلك فقد ألقى نظرة خاطفة ذات مرة على الشرطي الآخر الذي كان يجلس في مؤخرة المقهى حيث لا يكاد أحد يراه، يدقق في كل من يدخلون، خاصة إذا كانوا يحملون طرودا من أي نوع. كان المقهى محميا جيدا، وبدا السيد إم سون الجالس إلى مكتبه راضيا عن الحماية التي يحظى بها.

عندما كان الزبائن يفدون إلى المقهى كان من النادر أن يجلسوا إلى الطاولات المعدنية المستديرة، بل كانوا يقصدون البار المغطى بالزنك مباشرة، ويطلبون مشروباتهم ويشربونها وهم واقفون، ويبدون متعجلين للانصراف. وكانوا يحيون السيد إم سون بالإيماء برءوسهم، وكانوا على ما يبدو من قدامى المترددين على المقهى الذين يخشون أن يظنهم قد تخلوا عنه في محنته، ومع ذلك، كان الجميع مرتبطين بمهام ترغمهم على سرعة المغادرة. ابتسم دوبريه ابتسامة فاترة وهو يراقب ذلك كله. كان هو الرجل الوحيد الجالس إلى طاولة. ولم يخش الانفجار. لقد كان يعلم أن رفاقه معتادون على كثرة الكلام وقلة الفعل. إنه لم يحضر الاجتماع الأخير، فقد كانت لديه أسباب قوية للشك في أن الشرطة دست عملاء لها بين ظهرانيهم، كما أن صديقه وقائده هيرتسوج لم يحضر اجتماعات قط هو الآخر. لذا صعب على الشرطة الإيقاع به. كان هيرتسوج رجل أفعال لا أقوال. قال لدوبريه ذات مرة إن رجلا واحدا ثابت العزم كتوما يمكنه أن يفعل بالمجتمع أكثر مما يمكن لكل الجمعيات السرية التي سبق أن تكونت، وكانت مسيرته الحافلة دليلا حيا على صحة هذا القول. لكنه الآن في السجن، ولم ينته به المطاف فيه إلا بغدر إم سون. دارت بذهن دوبريه هذه الأفكار، فرمق مالك المقهى وصر أسنانه.

Bog aan la aqoon

قام الشرطي الجالس في مؤخرة منطقة الاستقبال - ربما لشعوره بالوحدة - واتجه إلى الباب، وأومأ إلى رفيقه الذي يمشي ذهابا وإيابا بلا انقطاع. توقف الآخر للحظة وتحدثا. وبينما كان الشرطي يعود إلى مكانه، خاطبه دوبريه قائلا: «تعال لتشرب معي.»

أجابه الشرطي وهو يغمز بعينه: «ليس أثناء العمل.»

قال دوبريه في هدوء: «أيها النادل، أحضر لي إناء من البراندي. من نوع «فين شامبين».»

وضع النادل الإناء الصغير الموسوم على الطاولة وكأسين. ملأهما دوبريه. ونظر الشرطي حوله سريعا ثم ابتلع محتوى أحدهما سريعا وتمطق. في حين أخذ دوبريه يحسو من الكأس الأخرى على مهل وسأل الشرطي: «هل تتوقعون حدوث أي متاعب هنا؟»

أجاب الشرطي بنبرة واثقة: «لا نتوقع شيئا.» ثم أردف: «كل ما في الأمر أن هناك كلاما يدور.»

قال دوبريه: «هذا ما ظننت.»

قال الشرطي وهو يبتسم ابتسامة خفيفة: «لقد عقدوا اجتماعا منذ عدة أيام؛ اجتماعا سريا.» ثم أضاف: «تحدثوا كثيرا. وسيفعلون أشياء رائعة. وقد كلف رجل منهم بتنفيذ مهمة معينة.»

سأل دوبريه: «وهل قبضتم عليه؟»

رد الشرطي: «أوه، كلا. إننا نراقبه فقط. إنه أكثر رجال هذه المدينة رعبا الليلة. نتوقع أن يأتي إلينا ويخبرنا بكل شيء عن المهمة، لكننا نأمل ألا يفعل ذلك. فنحن نعلم عن المهمة أكثر مما يعلم.»

قال دوبريه: «أظن ذلك؛ لكن لا بد أن هذا كله أضر بعمل إم سون كثيرا.»

Bog aan la aqoon

رد الشرطي: «لقد قضى عليه تماما في الوقت الراهن. الناس جبناء. لكن الحكومة ستعوضه من صندوق مالي سري. ولن يخسر شيئا.»

سأل دوبريه: «هل يمتلك المبنى بأكمله أم المقهى فقط؟»

رد الشرطي: «المبنى بأكمله. إنه يؤجر الغرف العلوية، لكن كل المستأجرين تقريبا تركوا المكان. ومع ذلك أعتبر هذا المكان الأكثر أمنا في المدينة كلها. كلهم جبناء، أعني مفجري الديناميت هؤلاء، ولا شك أنهم سيضربون ضربتهم في مكان ليس عليه حراسة شديدة. إننا نعرفهم جيدا جميعا، وفور أن يأتي أحدهم للتسكع حول المكان ومعاينته خلسة سيقبض عليه. إنهم أكثر جبنا من أن يخاطروا بحريتهم بالاقتراب من هذا المكان. الأمر يختلف عن محاولة أحدهم ترك علبة من صفيح متصلة بفتيل إشعال في ركن مظلم دون أن يراه أحد. إن أي أحمق يمكنه فعل ذلك.»

قال دوبريه: «أتعتقد إذن أن الوقت مناسب لاستئجار غرفة هنا؟ إنني أبحث عن غرفة في الحي لاستئجارها.»

رد الشرطي: «أفضل ما يمكنك فعله أن ترتب ذلك مع إم سون. يمكنك إبرام صفقة جيدة معه الآن، وستكون في أمان تام.»

قال دوبريه: «يسعدني أنك قلت ذلك؛ سأتحدث إلى إم سون الليلة وأعاين الغرف غدا. ما رأيك في كأس أخرى من البراندي؟»

رد الشرطي: «لا، شكرا لك، علي العودة إلى مكاني. فقط أخبر إم سون بحديثنا هذا إن استأجرت غرفة عنده.»

قال دوبريه: «سأفعل. طابت ليلتك.»

دفع دوبريه فاتورته، وأعطى النادل إكرامية كبيرة. كان المالك سعيدا بأن يسمع برغبة أحدهم في استئجار إحدى غرفه. فقد كانت هذه بادرة لبدء انتعاش سوقه من جديد، وتحدد بينهما موعد في اليوم التالي.

جاء دوبريه في الموعد المحدد، وأخذه القائم على المكان في جولة بالمبنى. كانت الغرف الخلفية مظلمة للغاية ، والنوافذ على بعد أقدام قليلة من الحائط المقابل. وكانت الغرف السفلية الأمامية مليئة بالضجيج. قال دوبريه إنه يحب الهدوء لأنه طالب. ولاقت غرفة أمامية في الطابق الثالث إعجابه، فاستأجرها. كان يعلم أهمية الحفاظ على ود القائم على المكان الذي سيتجسس عليه في كل الأحوال، فدفع له مبلغا أكثر مما ينبغي بقليل حتى لا يثير الريبة. فالإفراط ليس أقل سوءا من التقتير، وكان دوبريه يعرف ذلك جيدا.

Bog aan la aqoon

حرص على أن تكون لنافذته إطلالة مباشرة على الباب الأمامي للمقهى، ولكنه بعد أن أصبح وحده الآن وأغلق عليه بابه، تفقد الموقع بدقة أكبر. كانت فوق الباب الأمامي للمقهى مظلة تحجب رؤيته للرصيف والشرطي الذي لا يفتر عن المشي ذهابا وإيابا عليه. عقد ذلك الأمر. لكنه تذكر أنها ترفع عند غروب الشمس. كانت فكرته الأولى عند استئجار الغرفة أن يسقط الديناميت من نافذة الطابق الثالث إلى الرصيف، لكنه كلما فكر في هذه الخطة قل اقتناعه بها. كانت كالأشياء التي يمكن لأي أحمق فعلها كما قال الشرطي. كان الأمر يتطلب بعض التفكير. كما أن أسوأ ما قد ينتج عن إسقاط الديناميت على الرصيف أن ينفجر أمام المقهى وربما يقتل الشرطي المتجول أو أحد المارة الأبرياء، لكنه لن يقتل العجوز سون ولا النادل الذي تطوع بالمساعدة في القبض على هيرتسوج.

كان دوبريه رجلا منظما. كان صادقا إلى حد كبير في قوله إنه طالب. وهو الآن قد عكف على دراسة الحالة كما لو كانت مسألة رياضية.

أولا: لا بد من تفجير الديناميت داخل المقهى. ثانيا: ينبغي تنفيذ المهمة ببراعة تمنع إثارة الشكوك حول الفاعل الحقيقي. ثالثا: لن يكون الانتقام انتقاما بحق إذا تسبب في مقتل الرجل الذي أشعل فتيل الانفجار أو خلف دليلا يؤدي إلى القبض عليه.

جلس دوبريه إلى طاولته، ووضع يديه في جيبيه، ومد ساقيه، وقطب حاجبيه، واستعد للتفكير في حل للمعضلة. من السهل أن يحمل إلى المقهى حقيبة يد مليئة بالمواد المتفجرة. كان معروفا في المكان، لكن ليس بوصفه صديقا لهيرتسوج. لقد كان زبونا ومستأجرا، ولهاتين الصفتين كان مأمون الجانب. لكنه لا يستطيع ترك الحقيبة هناك، وإذا ظل معها فسيرتد انتقامه عليه. يمكنه أن يسلم الحقيبة للنادل ويخبره أنه سيأخذها في وقت لاحق، لكن النادل سيتساءل حينئذ حول سبب عدم تركه الحقيبة للقائم على المبنى ليرسلها إلى غرفته، هذا إلى جانب أن النادل كان شديد الارتياب. لقد كان يدرك وضعه المؤسف. ولم يكن يجرؤ على ترك مقهى فيرنون الآن بعد أن أصبح رجلا مستهدفا. فهو في مقهى فيرنون يتمتع بحماية الشرطة، أما إذا غادره إلى أي مكان آخر فلن يتمتع بأي حماية تفوق حماية أي مواطن عادي؛ لذا ظل في مقهى فيرنون باعتباره أهون الشرين. لكنه كان يراقب كل من يدخله بتمحيص فاق فيه الشرطي نفسه.

أدرك دوبريه أيضا وجود صعوبة أخرى في خطة حقيبة اليد. إن الديناميت يجب إشعاله بفتيل أو بآلية كآلية الساعة. والفتيل يصدر دخانا، ولن يلبث من يلمس بيده حقيبة بها آلية كآلية الساعة أن يشعر بحركة بداخل الحقيبة. ومن يسمع لأول مرة صوت اهتزاز ذيل الأفعى ذات الجرس الذي يشبه صوت اهتزاز حبات البازلاء الجافة في قرنها يبتعد من فوره بالغريزة، ولو لم يعرف شيئا عن الأفاعي. إلى أي مدى إذن قد يتسبب نادل شديد الارتياب، أعصابه متحفزة للاستجابة إلى الصوت الهادئ القاتل الذي تصدره آلية الديناميت، في إفساد كل شيء فور لمسه الحقيبة بيده؟ نعم، أقر دوبريه في نفسه على مضض بأن فكرة الحقيبة ليست عملية. وكان يرى أن نتيجتها الموت أو السجن.

ما العمل إذن بعد أن استبعد فكرتي الفتيل وآلية الساعة؟ هناك نوع من القنابل ينفجر بالاصطدام، وكان دوبريه قد صنع عددا منها بنفسه. يمكن لأي رجل أن يقف في منتصف الشارع ويقذفها إلى داخل المقهى من الباب المفتوح. لكنه قد يخطئ المدخل. كما أن الشارع حتى ساعة إغلاق المقهى يكون مضاء تماما كما في النهار. ثم إن الشرطي كان يراقب كل المارة في منتصف الطريق بعناية. فسلامته الشخصية هي أيضا تعتمد على ذلك. وكيف يمكن أن يهرب الرجل الذي سيقذف القنبلة من منتصف الشارع عند تحقيق النتيجة المرجوة؟ لو لم تكن الجادة بهذا الاتساع لأمكن لأي شخص أن يطلق قنبلة مزودة بديناميت من غرفة أمامية على الجانب الآخر من الشارع إلى المقهى كما يفعلون باستخدام المدافع، لكن هناك ...

فجأة صاح دوبريه: «يا إلهي!» ثم أضاف: «وجدتها!»

ضم ساقيه الممدودتين، وتوجه إلى النافذة وفتحها، وحدق في الرصيف بالأسفل لوهلة. عليه أن يقيس المسافة أثناء الليل، بل في وقت متأخر منه؛ هكذا خاطب نفسه. اشترى بكرة سلك لونه أشبه ما يكون بلون واجهة المبنى. وفتح نافذته، وبعد منتصف الليل أخرج السلك ودلاه، فقدر أنه يصل إلى أعلى باب المقهى تقريبا. انسل إلى الأسفل بهدوء وخرج من المبنى دون أن يغلق الباب بالمزلاج. كان الباب المؤدي إلى الغرف عند أقصى طرف المبنى، في حين كان باب المقهى في المنتصف بين نافذتين كبيرتين. وعندما وصل إلى مقدمة المبنى، أوشك خفقان قلبه على التوقف عندما جاء من عند باب المقهى صوت يقول: «ماذا تريد؟ وماذا تفعل هنا في هذه الساعة المتأخرة؟»

كان الشرطي قد أصبح جزءا لا يتجزأ من الرصيف في ذهن دوبريه حتى نسي أنه يمكث عليه ليلا ونهارا. شهق دوبريه دون صوت، ثم عاد قلبه إلى الخفقان.

وقال في هدوء: «كنت أبحث عنك.» وضيق عينيه فلاحظ أن السلك كان يتدلى فوق رأس الشرطي على بعد قدم واحدة تقريبا وهو يقف في المدخل المظلم.

Bog aan la aqoon

واصل دوبريه كلامه: «كنت أبحث عنك. ألا تعرف أي ... أي صيدلية مفتوحة في هذه الساعة المتأخرة؟ لدي ألم حاد في أسناني يمنعني النوم، وأريد أن أشتري شيئا يسكنه.»

رد الشرطي: «أوه، الصيدلية التي عند المنعطف تظل مفتوحة طوال الليل. اقرع الجرس الموجود على اليمين.»

قال دوبريه: «يؤسفني أن أزعجهم لسبب تافه كهذا.»

رد الشرطي متفلسفا: «هذا هو ما خلقوا لأجله.»

قال دوبريه: «هل تمانع في الوقوف عند الباب الآخر حتى أعود؟ سأعود بأقصى سرعة. لا أريد أن أترك الباب مفتوحا بلا حماية، ولا أريد غلقه لأن القائم على المبنى يظنني في الداخل، ويخشى فتح الباب لأي شخص يقرع الجرس في وقت متأخر. أنت تعرفني بالطبع؛ رقم غرفتي هو 16.»

رد الشرطي: «نعم، تذكرتك الآن، على الرغم من أني لم أعرفك في أول الأمر. سأقف عند الباب حتى تعود.»

ذهب دوبريه إلى الصيدلية عند المنعطف واشترى قنينة من قطرات تسكين ألم الأسنان من الشاب الناعس الذي كان خلف المنضدة. أيقظه وطلب منه توضيح كيفية استخدام العلاج. ثم عاد وشكر الشرطي وصعد إلى غرفته. وبعد ذلك بلحظات كان السلك قد قص من عند النافذة وسحب إلى الداخل في هدوء.

جلس دوبريه يلتقط أنفاسه لعدة لحظات.

وخاطب نفسه: «يا لك من أحمق! خطأ آخر كهذا أو خطآن يكفيان للقضاء عليك. هذه نتيجة تركيز التفكير كله على جزء واحد من المهمة. لو كان السلك قد انخفض قدمين إضافيتين للامس أنفه. أنا متأكد أنه لم يره؛ فأنا نفسي لم أكد أراه وأنا أبحث عنه. من الجيد أني ألهمت أن أطلب منه حراسة الباب الجانبي. لكن علي فيما بعد أن أفكر جيدا في كل خطوة قبل تنفيذها. كان هذا درسا قيما.»

ومع مواصلته للتجهيزات هاله عدد الأشياء التي عليه أن يفكر فيها لتنفيذ خطته التي بدت له بسيطة، وأدرك أن إغفال أي منها قد يهدد المهمة بالكامل بالفشل. كانت خطته بسيطة جدا. كل ما كان عليه فعله هو ربط عبوة ديناميت في طرف سلك طوله مناسب، ثم، ليلا وقبل أن يفتح المقهى أبوابه، إلقاؤها من نافذته بحيث تدخل العبوة من الباب المفتوح وترتطم بسقف المقهى وتنفجر. فكر في بداية الأمر أن يمسك طرف السلك بيده من النافذة المفتوحة، ولكنه عندما أنعم التفكير أدرك أنه إذا حدث في خضم الارتباك الطبيعي لحظة التنفيذ أن سحب السلك أكثر من اللازم أو مال به إلى الأمام أكثر من اللازم، فقد تصطدم العبوة بواجهة المبنى فوق باب المقهى، أو بالرصيف. لذا ثبت مسمارا متينا في عتبة النافذة وربط به طرف السلك. كان قد جعل العبوة المتفجرة حساسة للصدمات لدرجة كبيرة حتى أدرك أنه إذا ربط السلك حولها وألقاها في ظلمة الليل فقد تنفجر عند شد السلك بعنف، أي أن يحدث الانفجار في الهواء فوق الشارع. لذا، ثبت زنبركا لولبيا بين العبوة والسلك ليمتص الصدمة الناتجة عن اندفاع العبوة عندما يشتد السلك وبهذا يمنع انفجارها قبل الأوان. رأى أن أصعب ما في المهمة هو اعتماد كل جزء فيها على ثبات أعصابه هو ودقة توجيهه في اللحظة الحاسمة، وأن أبسط خطأ في الحساب قد يسبب انحراف العبوة إلى اليمين أو اليسار وعدم دخولها من الباب. لم تكن لديه إلا فرصة واحدة، ولا مجال للتدريب قبل التنفيذ. ومع ذلك، قال دوبريه المتفلسف في نفسه بأن الناس لو سمحوا للتفاصيل الفنية الصغيرة بإعاقة مساعيهم، لما تحقق في هذا العالم شيء يستحق العناء. كان متيقنا بأنه سيرتكب خطأ ما صغيرا يفسد كل خططه، لكنه قرر أن يبذل قصارى جهده ويقبل النتائج وأن يتمالك نفسه بقدر المستطاع.

Bog aan la aqoon

وبينما وقف أمام النافذة في الليلة المشئومة ممسكا بالعبوة حاول أن يتذكر هل أغفل أي شيء أو ترك أي أدلة دون أن يخفيها أم لا. لم ينبعث من غرفته ضوء، لكن نار المدفأة كانت مشتعلة، وألقت بظلال مهتزة على الحائط المقابل.

تمتم قائلا: «ثمة أربعة أشياء علي فعلها؛ أولا: سحب السلك، ثانيا: إلقاؤه في نار المدفأة، ثالثا: نزع المسمار، رابعا: غلق النافذة.»

أسعده أن لاحظ أن نبض قلبه لم يتسارع عن المعدل الطبيعي. وخاطب نفسه وهو يتنهد: «أعتقد أني متمالك لأعصابي، لكن علي ألا أبالغ في ذلك عندما أنزل إلى الأسفل. ثمة الكثير من الأشياء التي ينبغي أن أفكر فيها في الوقت ذاته.» أجال نظره في الشارع لأعلى ولأسفل. كان الرصيف خاليا. انتظر حتى مر الشرطي من أمام الباب. سيأخذ عشر خطوات قبل أن يعكس اتجاه مشيه في المنطقة التي يحرسها. وبينما كان ظهر الشرطي لباب المقهى، ألقى دوبريه بقنبلته في ظلمة الليل.

ثم تراجع على الفور وراقب المسمار. تماسك المسمار عندما شد السلك. وبعد لحظة اهتز المبنى بأكمله كرجل ثمل يترنح، ويهز كتفيه. فزع دوبريه عندما سقطت على طاولته قطعة كبيرة من الجص محدثة دويا عاليا. وجاء من الأسفل صوت كالرعد المكتوم. اهتزت الأرض تحت قدميه بفعل الانفجار. وتهشم زجاج النافذة، وشعر بأن بالهواء يصطدم بصدره كما لو كان أحدهم قد ضربه عليه.

نظر إلى الخارج للحظة. ووجد أن الانفجار أطفأ مصابيح الشارع في الجهة المقابلة. وعم أمام المقهى ظلام دامس، بعد أن كانت الجادة كلها مليئة بالضوء منذ لحظة. وارتفعت من أسفل المبنى سحابة من الدخان.

قال دوبريه في نفسه، بينما كان يسحب السلك بسرعة: «أربعة أشياء.» لقد وجد طرفه مهترئا. ونفذ الأشياء الثلاثة الأخرى بسرعة أيضا.

عم صمت غريب، لكن صوت الانفجار لم يزل يرن في أذنه رنينا ثقيلا. انسحق الجص تحت حذائه مصدرا صوتا واضحا وهو يمشي نحو باب الغرفة ويمد يده نحوه. شد الباب لفتحه فوجد في ذلك بعض الصعوبة. كان محكم الغلق بشدة لدرجة أنه ظنه كان مغلقا بالقفل، ثم ارتعد من الخوف عندما تذكر أن الباب لم يكن مغلقا بالقفل طوال وقوفه أمام النافذة ممسكا بالعبوة.

خاطب نفسه: «لا بد أني أغفلت شيئا آخر كهذا وسيؤدي إلى انفضاح أمري، يا ترى ماذا يكون؟»

وفي النهاية تمكن من فتح الباب. كانت أضواء الردهة مطفأة، فأشعل عود ثقاب، ونزل إلى الأسفل. ظن أنه سمع بعض الأنين. وعندما نزل وجد القائم على المبنى مكوما في إحدى الزوايا.

سأله دوبريه: «ما الخطب؟»

Bog aan la aqoon

صاح الرجل: «أوه، يا إلهي! يا إلهي! كنت أعلم أنهم سيفعلونها. لقد ابتلع الانفجار المكان كله!»

قال دوبريه: «انهض، أنت لم يصبك مكروه، وتعال معي ولنر هل يمكننا تقديم أي مساعدة.»

قال الرجل وهو يئن: «أخشى أن يقع انفجار آخر.»

قال دوبريه: «هذا هراء! لا يقع انفجاران متتاليان أبدا. هيا بنا!»

وجدا صعوبة في الخروج، وفي النهاية خرجا من فتحة في الجدار وليس من الباب. كانت الردهة السفلية قد دمرت.

توقع دوبريه أن يجد حشدا من الناس، لكنه لم يجد أحدا. لم يدرك قصر الوقت الذي انقضى منذ وقوع الكارثة. كان الشرطي جاثيا على يديه وركبتيه في الشارع يحاول النهوض ببطء كمن يفيق من حلم ما. هرع دوبريه إليه وساعده في النهوض.

سأله دوبريه: «هل أصبت؟»

رد الشرطي وهو يفرك رأسه مرتبكا: «لا أعلم.»

قال دوبريه: «كيف حدث ذلك؟»

رد الشرطي: «أوه، لا تسألني. فجأة صدر صوت كالرعد، ولا أتذكر بعد ذلك إلا أني كنت ملقى على وجهي في الشارع.»

Bog aan la aqoon

سأل دوبريه: «هل رفيقك في الداخل؟»

رد الشرطي: «نعم؛ هو وإم سون وزبونان.»

قال دوبريه بنبرة إحباط: «ماذا عن النادل؟ ألم يكن في الداخل؟»

لم يلاحظ الشرطي نبرة الإحباط، فأجابه: «أوه، والنادل بالطبع.»

قال دوبريه بنبرة رضا: «حسنا، لندخل لمساعدتهم.» بدأ الناس الآن يحتشدون، لكنهم ابتعدوا بعض الشيء عن المقهى. وقالوا بأصوات ذاهلة: «ديناميت! ديناميت!»

جاءت فرقة من الشرطة فجأة من مكان ما. وأبعدوا المحتشدين إلى الوراء لمسافة أكبر.

سأل رئيس الشرطة: «ماذا يفعل هذا الرجل هنا؟»

أجاب الشرطي: «إنه صديق لنا، إنه يسكن في المبنى.»

قال رئيس الشرطة: «حسنا.»

قال دوبريه: «كنت على وشك الدخول للبحث عن صديقي الضابط الذي كان في المقهى يمارس عمله.»

Bog aan la aqoon