تردد الأمير للحظة وهو ينطق بالحكم، وبدا أنه أراد إضافة شيء لكنه تذكر على ما يبدو أن تقريرا بمجريات المحاكمة سيرفع إلى الملك، الذي كان مندوبه حاضرا، وحرص على ألا يوحي أي شيء مما ستضمه السجلات بعداوة قديمة؛ إذ كان من المعروف عن جلالته أنه معارض لصنوف التعذيب القديمة التي كانت تطبق في مملكته في الماضي. تذكر الأمير ذلك فجلس.
ضحك قاطع الطريق مجددا. إذ من الواضح أنه كان يتوقع حكما أكثر تنكيلا. كان رجلا عاش عمره كله في الجبال، ولم يكن يعرف باستحداث تدابير أكثر رحمة في سياسة الحكومة.
وقال هازئا: «سألتزم بالموعد، ما لم يكن لدي التزام أكثر إلحاحا.»
اقتيد قاطع الطريق إلى زنزانته. وقال الأمير: «أتمنى أن تكون قد لاحظت لهجة التحدي التي يتحدث بها السجين.»
رد المندوب: «بالفعل لم تفتني ملاحظتها، يا صاحب السمو.»
قال الأمير: «أعتقد في هذه الظروف أن المعاملة التي لاقاها كانت رحيمة للغاية.»
قال المندوب: «أنا متأكد يا صاحب السمو أن جلالته سيكون له الرأي نفسه. فقطع الرأس ميتة أكثر رحمة مما يستحق هذا المجرم.»
سعد الأمير بتطابق رأي المندوب تماما مع رأيه.
أخذ قاطع الطريق المدعو توزا إلى زنزانة في البرج الشمالي، حيث يمكنه إذا وقف على مقعد فيها أن يرى الوادي العميق الذي تقوم القلعة عند مدخله. كان يعرف منعة موقعها في طرف الوادي جيدا. كما كان يعلم أنه لو تمكن من الهرب من القلعة، لوجد نفسه محاصرا بين جبال لا يمكن عمليا تسلقها، وكانت القلعة تحرس مدخل الوادي حراسة يتعذر معها الوصول إلى العالم الخارجي منه. وعلى الرغم من معرفته الجيدة بالجبال، أدرك، بعد تفرق شمل عصابته ومقتل الكثير من أفرادها ولواذ آخرين بالهروب، أن احتمال موته جوعا في الوادي أرجح من احتمال هروبه منه. جلس على المقعد وأخذ يفكر في الأمر. سأل نفسه: ما السبب الذي دفع الأمير إلى التحلي بكل هذه الرحمة؟ فقد توقع أن يعذب، فإذا به في انتظار أسهل ميتة قد يلقاها أي رجل. استقر في ذهنه أن في الأمر شيئا غير مفهوم. ربما كانت نيتهم تجويعه حتى الموت بعد أن اكتملت مسرحية المحاكمة العادلة. ففي زنازين القلاع تجري أمور لا يعرف عنها العالم الخارجي شيئا. لكن قلقه من احتمال تجويعه حتى الموت سرعان ما تبدد عندما ظهر سجانه حاملا له وجبة أفضل من الوجبات التي كان قد تناولها منذ مدة طويلة؛ فقد قضى الأسبوع الماضي كله هاربا بين الجبال حتى أوقع به رجال الأمير، الذين كان واضحا أنهم تلقوا أوامر بالإتيان به حيا. لماذا إذن كان حرصهم الشديد على ألا يقتلوه في معركة عادلة إذا كان كل ما في جعبتهم له الآن الإعدام بقطع الرأس؟
سأل توزا سجانه: «ما اسمك؟»
Bog aan la aqoon