ثم ظهر عامل جديد خطير في ارتقاء الإنسان، ارتقاء دماغه؛ أي: زيادة ذكائه؛ أي: زيادة وعيه.
ذلك أنه عرف اللغة؛ أي: الكلمات.
اللغة تحتاج إلى الحياة الاجتماعية؛ إذ هي للتفاهم؛ أي: أن يفهم واحد ما يقوله الآخر؛ أي: أن اللغة ليست اختراع فرد وإنما هي اختراع جماعة.
لما خرجنا من الغابة إلى السهول والوديان كان خروجنا جماعات كي نتربص بالفريسة وكي نتجمع للدفاع، فكنا في حاجة إلى الكلمات التي تهمس أو نزعق بها للتنبيه أو التحذير.
اللغة «حاسة» جديدة، حاسة مسافية مثل العين والأذن.
ولكنها حاسة للجماعة، وهنا نجد أن الحنجرة، مثل القدمين قبل ذلك بملايين السنين، قد خدمت التطور بمعاونة اللسان.
إن كل كلمة فكرة، وتسجيل الكلمات في الدماغ هو بمثابة تسجيل الأفكار، وهذه الأفكار تتصادم وتتفاعل في الدماغ الذي يكبر وينمو كي يستوعبها.
كما تكبر العضلة بتناول الشيء الثقيل وتكرار تناوله، كذلك يكبر الدماغ بتناول الأفكار وحفظ معانيها وترتيبها.
ومع الكلمات كنا نضع بعض الأدوات للصيد، وتشكيل الأداة وصنعها وتناولها، وحركات الصيد والاجتماع للتربص، ثم اقتسام الفريسة وتمزيقها، كان كل هذا يحتاج إلى كلمات تعين كل درجة من درجات هذا المجهود، والكلمات تبعث التفكير، والتفكير يؤدي إلى تكبير الدماغ كما لو كان عضلة تكبر بالمرانة ورءوسنا الكبيرة هي التي تجعل مقامنا فذا بين الحيوانات؛ لأنها ميزتنا عليها بالذكاء. •••
ممارسة الصيد، وصنع الآلات للصيد، كلاهما أدى إلى اختراع اللغة، وكلاهما احتاج إلى اجتماع الأفراد.
Bog aan la aqoon