ترجيح السلف الأدب على العلم
الأدب لفظ جامع للفضائل والأخلاق الكريمة، التي تؤدي إلى المحامد.
قال أبو زيد الأنصاري: " الأدب يقع على كل رياضة محمودة، يتخرج بها الإنسان في فضيلة من الفضائل ".
وقال الحافظ ابن حجر ﵀: (الأدب: استعمال ما يُحمد قولًا وفعلًا، وعبر بعضهم بأنه الأخذ بمكارم الأخلاق، وقيل: الوقوف مع المستَحسَنَات، وقيل: بل هو تعظيمُ من فوقك، والرفق بمن دونك، وقيل: إنه مأخوذ من " المأدبة "، وهي الدعوة إلى الطعام، سُمِّي بذلك؛ لأنه يُدعَى إليه) (١).
هذه المعاني كلها تدخل في مسمى الأدب، وهي التي كان يطلق عليها في لسان السلف الصالح اسم: " الهَدْي "، وهَدْيُ الرجل: سيرته العامة والخاصة، وحالهُ، وأخلاقه.
ولأن " خير الهدي هدي محمد ﷺ "، فقد كان السلف يرمقون من كان أولى الناس وأقومهم بهديه ﷺ، فحينئذ يرتضونه أسوة وقدوة، وينتفعون بلحظه ولفظه، ويصدرون عن خُلقه وسلوكه، ويدونون هذا الهدي لتتناقله الأجيال وتنتفع به (٢).
(١) " فتح الباري " (١٠/ ٤٠٠).
(٢) (وما يزال بعض الناس إلى عهد قريب -في بلاد الهند وما والاها- يراقبون ما يصدر عمن وصل في نظرهم إلى هذا المقام، فيكتبون عنه ما يقول وما يفعل، ويجمعون ذلك في كتاب يسمونه " الملفوظات " أو " الفيوضات ") وانظر: " صفحات في أدب الرأي " للشيخ محمد عوامة ص (٦١).